تصاعدت حدة التوترات التجارية بين كندا والولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة، وكنتيجة مباشرة لتلك الخلافات، فرضت أوتاوا تعريفات جمركية انتقامية على مجموعة من السلع الأمريكية. كانت هذه الخطوة تهدف إلى الضغط على واشنطن وإظهار عزم كندا على حماية مصالحها الاقتصادية.
بيد أن التقارير الأخيرة تشير إلى أن هذه الإجراءات الكندية، على الرغم من كونها تعبيرًا عن موقف قوي، لم تُحدث الأثر المرجو منها على الاقتصاد الأمريكي. فالحجم الهائل للسوق الأمريكية وتنوعه يمتصان بسهولة أي صدمات تنتج عن تعريفات من شريك تجاري أصغر حجمًا مثل كندا.
يعود السبب الرئيسي وراء ضعف التأثير إلى الفارق الهائل في حجم الاقتصادين. فالولايات المتحدة، بكونها أكبر اقتصاد في العالم، تتمتع بقدرة استيعابية هائلة تجعلها أقل تأثراً بالقيود التجارية التي تفرضها دولة ذات اقتصاد أصغر بكثير، حتى لو كانت شريكًا رئيسيًا.
في المقابل، قد تتحمل الشركات والمستهلكون الكنديون العبء الأكبر لهذه التعريفات. فالمستوردون الكنديون يواجهون تكاليف أعلى للسلع الأمريكية، مما قد ينعكس على أسعار التجزئة ويؤثر على القدرة الشرائية للمواطن الكندي، وربما يضر ببعض الصناعات المحلية المعتمدة على المدخلات الأمريكية.
هل تؤتي إجراءات الرد أكلها؟
هذا الوضع يثير تساؤلات جدية حول فعالية استخدام التعريفات كأداة للضغط في النزاعات التجارية، خاصة عندما يكون هناك تفاوت كبير في القوة الاقتصادية بين الطرفين. هل يمكن لدولة مثل كندا أن تحقق أهدافها بمواجهة عملاق تجاري مثل الولايات المتحدة بنفس الأسلوب؟
قد تكون الإستراتيجيات البديلة، مثل اللجوء إلى المنظمات التجارية الدولية، أو التفاوض المباشر مع التركيز على قضايا محددة، أكثر جدوى من التصعيد عبر التعريفات الجمركية الذي لا يبدو أنه يحقق النتائج المرجوة، بل وقد يأتي بنتائج عكسية.
من وجهة نظري، يبرهن هذا الخبر على حقيقة مؤلمة في عالم التجارة الدولية؛ وهي أن حرب التعريفات غالبًا ما تكون لعبة غير متكافئة. الدول الكبرى قادرة على امتصاص الضربات بشكل أفضل، بينما تجد الدول الأصغر نفسها في موقف حرج، حيث قد تتسبب إجراءاتها الانتقامية في إيذاء نفسها أكثر من خصمها الأكبر.
دروس من المواجهة التجارية
يجب على كندا إعادة تقييم جدوى هذا النهج والنظر في حلول أكثر عملية وفعالية. فالعلاقة التجارية بين كندا والولايات المتحدة متشابكة للغاية، ولا يمكن تبسيطها في مجرد فرض رسوم جمركية متبادلة دون دراسة عميقة لتداعياتها الشاملة.
هذه الديناميكية تسلط الضوء على أهمية الدبلوماسية الاقتصادية والفهم العميق لنقاط القوة والضعف لكل طرف. لا يكفي مجرد الرد بالمثل؛ بل يجب أن يكون الرد جزءًا من استراتيجية شاملة تهدف إلى تحقيق مكاسب حقيقية ومستدامة.
في الختام، يبدو أن التعريفات الكندية الانتقامية قد أدت دورها الرمزي في التعبير عن موقف، لكنها لم تحدث أثرًا ملموسًا على الاقتصاد الأمريكي، مما يدعو كندا إلى إعادة النظر في أدواتها التفاوضية. الطريق الأمثل للمضي قدمًا قد يكمن في البحث عن أرضية مشتركة والحوار البناء بدلاً من الاستمرار في مسار تبدو نتائجه محدودة.
الكلمات المفتاحية المترجمة:
- columnists: كتاب الأعمدة
- opinion: رأي
- canada: كندا