في المشهد السياسي الكندي المتغير باستمرار، غالبًا ما نجد زعماء المقاطعات في مواجهة تحديات لا حصر لها، والتي تبدو وكأنها جزء لا يتجزأ من طبيعة الحكم نفسها. يُشار إلى هذا الأمر أحيانًا بـ “الجاذبية السياسية”، وهي قوة لا مفر منها تسحب القادة إلى واقع المشاكل المستمرة، بغض النظر عن التحالفات أو العلاقات الشخصية التي قد ينسجونها مع شخصيات مؤثرة في الساحة الفيدرالية.
الخبر الذي بين أيدينا يسلط الضوء على هذه الحقيقة بوضوح، مشيرًا إلى أن صداقة دوغ فورد، رئيس وزراء أونتاريو، مع شخصيات ذات ثقل مثل مارك كارني (الذي يُشاع اسمه كمرشح محتمل لرئاسة الوزراء)، لن تعفيه من مواجهة المشاكل الأزلية التي تواجه أي رئيس وزراء إقليمي. هذه المشاكل، كما يصفها الكاتب، “لا تموت أبدًا”.
إن فورد، مثل أي رئيس وزراء آخر في كندا، يتولى قيادة مقاطعة شاسعة ومتنوعة مثل أونتاريو، والتي تُعد القلب الصناعي والاقتصادي للبلاد. وهذا الدور يأتي محملًا بمسؤوليات ضخمة وقضايا معقدة تتراوح بين الرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية والنمو الاقتصادي، وكلها تتطلب حلولًا محلية وعملية.
العلاقة الفيدرالية-الإقليمية
من الطبيعي أن يتطلع زعماء المقاطعات إلى إقامة علاقات جيدة مع الحكومة الفيدرالية. فالتنسيق والتعاون بين المستويين أمر بالغ الأهمية لتمرير التشريعات وتوزيع الموارد وتنفيذ البرامج الوطنية. قد يتصور البعض أن وجود “صديق” في منصب رئيس الوزراء الفيدرالي يمكن أن يسهل هذه المهام، أو حتى يخفف من حدة الضغوط السياسية.
لكن هذا التصور غالبًا ما يكون مثاليًا أكثر منه واقعيًا. فمهام ومسؤوليات رئيس الوزراء الإقليمي تختلف جوهريًا عن تلك التي تقع على عاتق رئيس الوزراء الفيدرالي. إن التحديات الإقليمية متجذرة بعمق في الاحتياجات والتوقعات المحددة لسكان المقاطعة، ولا يمكن للتحالفات الفيدرالية أن تمحو هذه الحقائق.
التحديات الأبدية
المشاكل “الأبدية” التي يواجهها رؤساء الوزراء تشمل قضايا مثل ارتفاع تكاليف المعيشة، نقص المساكن، ضغوط نظام الرعاية الصحية، التحديات البيئية، والتوازن بين الضرائب والخدمات. هذه القضايا ليست وليدة لحظة معينة أو حكومة فيدرالية بعينها، بل هي تحديات هيكلية تتطلب التزامًا مستمرًا وإدارة حكيمة على المدى الطويل.
إن التركيز الإعلامي والجماهيري على أداء رؤساء الوزراء يكون دائمًا حاضرًا وبقوة. فالناخبون يحاسبون قادتهم الإقليميين مباشرة على الخدمات التي تؤثر في حياتهم اليومية. هذه المساءلة المباشرة هي جزء من “الجاذبية السياسية” التي لا يمكن الهروب منها، ولا تتبدد بمجرد بناء علاقات ودية مع شخصيات فيدرالية.
رأيي وتحليلي
في رأيي، يميل بعض القادة إلى الاعتقاد بأن تقوية العلاقات الشخصية مع القوى الفيدرالية قد توفر لهم درعًا ضد النقد أو وسيلة لتجاوز بعض العقبات. ومع أن التعاون ضروري، إلا أن الاعتماد المفرط على هذه العلاقات لتجاوز المشاكل الجوهرية هو وهم. النجاح الحقيقي للقادة الإقليميين يكمن في قدرتهم على معالجة القضايا المحلية بفعالية وشفافية، والاستماع إلى مواطنيهم، وتقديم حلول ملموسة.
إن الدرس المستفاد هنا هو أن القيادة السياسية، خاصة على المستوى الإقليمي، هي عبء ثقيل ومسؤولية مستمرة. يجب أن يكون التركيز دائمًا على الخدمة العامة وحل المشكلات، وليس على نسج العلاقات التي قد توفر راحة مؤقتة ولكنها لا تزيل أبدًا “جاذبية” الواقع السياسي. فالمواطنون لا يهتمون بمن هو صديق من، بل بالخدمات التي يحصلون عليها والوعود التي يتم الوفاء بها.
في الختام، تبقى جاذبية السياسة قوة لا مفر منها، تدفع زعماء المقاطعات إلى مواجهة التحديات بشكل مباشر. دوغ فورد، أو أي رئيس وزراء آخر، سيظل تحت تأثير هذه الجاذبية، بغض النظر عن قوة علاقاته الفيدرالية. إن الحلول المستدامة لمشاكل المقاطعات تكمن في الإدارة الفعالة، والتخطيط بعيد المدى، والاستجابة لاحتياجات الناس، وهو ما يُعد الاختبار الحقيقي لأي قيادة سياسية.
الكلمات المفتاحية: دوغ فورد، مارك كارني، سياسة كندية، رؤساء الوزراء، جاذبية سياسية