في عالم السياسة، غالباً ما تُنسج الحكايات حول الصداقات والعلاقات الشخصية التي قد تُعتقد أنها قادرة على تغيير مسار الأحداث أو تخفيف وطأة التحديات. ومع ذلك، فإن الواقع غالباً ما يكون أكثر قسوة وبساطة في آن واحد. بغض النظر عن مدى قرب زعيم سياسي من شخصية مؤثرة أو رئيس وزراء مستقبلي، فإن هناك قوى أساسية تحكم المشهد السياسي، وهي ما يُعرف “بالجاذبية السياسية” التي لا يمكن لأحد أن يفلت منها.
هذا المفهوم ينطبق تماماً على شخصيات مثل دوغ فورد، رئيس وزراء أونتاريو. فعلى الرغم من أي روابط محتملة أو تقدير متبادل مع شخصيات بارزة كالمرشح المحتمل لمنصب رئيس الوزراء مارك كارني، فإن قائمة المشاكل المستمرة التي تواجه رؤساء الحكومات الإقليمية في كندا لا تتلاشى. بل إنها تشكل عبئاً ثقيلاً يفرض نفسه على أجندة أي قائد، مهما كانت علاقاته قوية.
أوهام الصداقات السياسية
قد يتخيل البعض أن وجود “صديق” في منصب رفيع أو مقعد قوة يمكن أن يوفر حصانة أو امتيازات خاصة. هذا التفكير، وإن كان منتشراً في الأوساط السياسية، يغفل حقيقة أن التحديات التي تواجه القادة هي في جوهرها بنيوية ومؤسسية، وليست مجرد عقبات شخصية يمكن تجاوزها بفضل نفوذ الآخرين. إنها تحديات متجذرة في طبيعة الحكم ومتطلباته.
تتمثل “الجاذبية السياسية” هذه في جملة من القضايا المعقدة التي تتطلب حلولاً مستدامة، مثل ضغوط الميزانية، وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، وأزمات الإسكان، وتوقعات الجمهور المتزايدة. هذه المشكلات لا تميز بين السياسيين على أساس صداقاتهم أو ولائهم الحزبي، بل تفرض نفسها كحقائق ثابتة في المشهد العام.
إن إيمان البعض بأن القرب من شخصية ذات نفوذ قد يعفي القائد من مواجهة هذه المشاكل ليس إلا وهماً. فالمسؤولية النهائية تقع على عاتق القائد المنتخب، والناخبون يتوقعون منه مواجهة هذه التحديات مباشرة، لا الاعتماد على “كتف صديق” لتجاوزها. إنها معركة مستمرة مع الواقع، لا معركة علاقات عامة.
الواقعية السياسية والمساءلة الديمقراطية
من وجهة نظري، هذه الديناميكية ليست سلبية بالضرورة. بل هي جزء أساسي من نظام ديمقراطي صحي يضمن المساءلة. إن عدم قدرة الصداقات أو العلاقات الشخصية على إلغاء “الجاذبية السياسية” يعني أن القادة لا يمكنهم التهرب من مسؤولياتهم الأساسية تجاه مواطنيهم. وهذا يضمن أن يبقى التركيز على الأداء الفعلي والنتائج الملموسة، وليس على شبكات العلاقات.
غالباً ما يقع الجمهور في فخ الاعتقاد بأن السياسيين، بمجرد وصولهم إلى السلطة، يمتلكون حلولاً سحرية أو أنهم محصنون ضد الفشل. وعندما يكتشفون أن الواقع أشد تعقيداً، وأن القضايا لا تحل بلمسة زر، قد يصابون بالإحباط. هذا الإحباط يتغذى أحياناً على فكرة أن العلاقات يمكن أن تخفف العبء، في حين أن جوهر العمل السياسي يكمن في التعامل المباشر مع تلك المشاكل.
لذلك، يجب على أي رئيس وزراء إقليمي، بما في ذلك دوغ فورد، أن يدرك أن المهام الأساسية الملقاة على عاتقه تتجاوز بكثير أي دعم شخصي قد يتلقاه. فالمسؤولية عن ميزانية المقاطعة، ورفاهية السكان، وجودة الخدمات العامة، كلها أعباء حقيقية لا يمكن لأي علاقة أن ترفعها عنه. إنها ضريبة السلطة التي لا مفر منها.
إن الحقيقة التي يسلطها المقال الضوء عليها هي أن القيادة الحقيقية تتجلى في القدرة على مواجهة هذه “الجاذبية السياسية” بشجاعة وواقعية. بدلاً من البحث عن طرق مختصرة أو الاعتماد على الأصدقاء، يجب على القادة التركيز على بناء استراتيجيات قوية، والتواصل بشفافية مع الجمهور، واتخاذ قرارات صعبة تصب في المصلحة العامة.
في الختام، يظل مبدأ “الجاذبية السياسية” قوة لا يستهان بها في المشهد السياسي الكندي والعالمي. إنه تذكير دائم بأن السلطة تأتي مع مسؤوليات ثقيلة، وأن أي زعيم، مهما كان نفوذه أو نفوذ أصدقائه، لن يتمكن من التملص من تحديات الواقع. النجاح الحقيقي يكمن في فهم هذه الحقيقة والعمل ضمن إطارها، وليس محاولة الهروب منها.
الكلمات المفتاحية:
دوغ فورد – Doug Ford
الجاذبية السياسية – Political Gravity
رؤساء الوزراء – Premiers
تحديات سياسية – Political Challenges
كندا – Canada