في عالم السياسة، غالباً ما يتوهم البعض أن العلاقات الشخصية رفيعة المستوى قد تكون تذكرة سحرية للخلاص من المشاكل المستعصية. هذا التصور يزداد وضوحاً عندما يتعلق الأمر برؤساء الحكومات المحلية أو الإقليمية، الذين يواجهون باستمرار تحديات لا تعد ولا تحصى. فمهما بلغت عمق الصداقات أو قرب العلاقات مع شخصيات نافذة على المستوى الوطني، تبقى بعض الحقائق السياسية عنيدة ولا تتبدل.
إن “المشاكل الأزلية” التي تعصف بالولايات أو المقاطعات لا تموت أبداً. فمن إدارة الميزانيات الشحيحة وتلبية الاحتياجات المتزايدة للخدمات العامة، إلى تحديات البنية التحتية المتهالكة وأزمات الرعاية الصحية التي لا تتوقف، تظل هذه القضايا قضايا محلية بامتياز تتطلب حلولاً محلية جذرياً، ولا يمكن لأي “نفوذ” من الخارج أن يحلها بشكل كامل أو دائم.
كثيراً ما يتطلع رؤساء الحكومات الإقليمية إلى العاصمة الاتحادية بحثاً عن الدعم، أو يعلقون آمالاً كبيرة على نفوذ شخصيات مركزية كمارك كارني، اعتقاداً منهم بأن هذه العلاقات قد تفتح لهم أبواب المساعدات المالية أو التوجيهات التي تخفف من أعبائهم. ولكن هذا التفاؤل غالباً ما يصطدم بجدار الواقع، فالمسؤوليات تظل محددة والأولويات متغيرة.
دوج فورد ومارك كارني: صداقة أم نجاة؟
مثال على ذلك، العلاقة التي يُقال إنها تربط رئيس وزراء أونتاريو، دوج فورد، بالمرشح المحتمل لرئاسة الوزراء مارك كارني. قد يرى البعض في هذه الصداقة المحتملة بارقة أمل لفورد في مواجهة تحدياته الإقليمية المعقدة، معتقدين أن مثل هذه الصلات قد توفر مظلة حماية أو تسهل الحصول على دعم في أوقات الأزمات.
إلا أن “جاذبية السياسة” هي قوة لا يمكن التغلب عليها بسهولة. إنها تمثل الثوابت السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تسحب القادة دوماً نحو الواقع العملي. فمهما علا الطموح أو تعززت العلاقات، فإن القوانين غير المكتوبة للحكم الرشيد والمساءلة العامة تفرض نفسها بقوة، محصورةً القادة ضمن نطاق مسؤولياتهم المباشرة تجاه ناخبيهم ومقاطعاتهم.
تتجلى هذه “الجاذبية” في صور عدة: ردود فعل الجمهور الغاضبة تجاه قرارات غير شعبية، تدقيق وسائل الإعلام المستمر، الصعوبات الاقتصادية غير المتوقعة، أو الفشل في الوفاء بالوعود الانتخابية. كل هذه العوامل تعمل كقوى سحب لا هوادة فيها، تذكر القادة بأن السلطة تأتي مع مسؤوليات ثقيلة لا يمكن تفويضها أو التملص منها عبر العلاقات.
الواقع يتحدث
برأيي، بينما قد تساعد العلاقات الجيدة في تيسير الحوار أو فتح قنوات اتصال، فإنها لا تمحو حقائق الاقتصاد والسياسة التي تحكم الإدارة الإقليمية. إن التحديات الهيكلية المتعلقة بالتمويل، والبنية التحتية، وتوفير الخدمات الأساسية، هي قضايا تتطلب حلولاً نظامية عميقة، وليست مجرد مكاسب شخصية أو وساطات عابرة. الرهان الحقيقي يكمن في السياسات المدروسة والقدرة على التنفيذ، لا في شبكة العلاقات.
وفي النهاية، فإن الناخبين يهتمون بالنتائج الملموسة على أرض الواقع. هل تتحسن الخدمات الصحية؟ هل تتحقق الوعود الاقتصادية؟ هل تتوفر فرص عمل؟ هذه هي الأسئلة التي يطرحونها، وليست هوية أصدقاء رئيس وزرائهم في العاصمة. تظل المساءلة النهائية على عاتق الحكومة الإقليمية، بغض النظر عن مدى قربها من الدوائر الفيدرالية.
لذلك، فإن جاذبية امتلاك حليف قوي في المركز هي غالباً ما تكون وهماً. على رؤساء الوزراء الإقليميين أن يتعاملوا مع التحديات الخاصة بولاياتهم بجدية، معتمدين على السياسات السليمة والحوكمة الفعالة، بدلاً من التعويل على الحماية الفيدرالية أو الدعم المبني على المجاملات. إن فن الحكم يكمن في مواجهة الصعوبات مباشرة، وليس في البحث عن طرق مختصرة عبر العلاقات.
في الختام، تُظهر لنا الطبيعة الدائمة للمشاكل الإقليمية الحدود الحقيقية للنفوذ الشخصي في السياسة. فالجاذبية السياسية تسحب الجميع في نهاية المطاف نحو واقع المسؤولية الثقيلة، حيث لا يمكن لأي صداقة أن تلغي الحاجة إلى قرارات صعبة، وإدارة حكيمة، ومساءلة لا تتزعزع أمام الشعب. إنها قصة أبدية عن تحديات الحكم، حيث تبقى النتائج هي الفيصل الأخير.
الكلمات المفتاحية: السياسة الكندية, دوج فورد, جاذبية سياسية, مشاكل الأقاليم, قيادة المقاطعات