في خطوة مفاجئة تهز أوساط صناعة الألعاب الرقمية، أعلنت منصة نتفليكس العملاقة عن إغلاق استوديو “بوس فايت إنترتينمنت” (Boss Fight Entertainment) ومقره تكساس، وهو الفريق الذي يقف خلف تطوير لعبة “لعبة الحبار: أُنليشد” (Squid Game: Unleashed) المخصصة للهواتف المحمولة. يأتي هذا القرار الصادم بعد ثلاث سنوات فقط من استحواذ نتفليكس على الاستوديو في عام 2022، ضمن مساعيها الحثيثة لتعزيز حضورها في سوق ألعاب الجوال الواعد.
كانت نتفليكس قد أبدت طموحاً كبيراً في التوسع خارج نطاق الفيديو حسب الطلب، ورأت في ألعاب الجوال طريقاً استراتيجياً جديداً للاحتفاظ بجمهورها وجذب شرائح إضافية. ولهذا الغرض، لم تتردد في الاستثمار بجدية، مستحوذة على عدد من استوديوهات تطوير الألعاب لضمان تدفق مستمر للمحتوى التفاعلي الحصري لمشتركيها.
ووفقاً لمنشورات موظفين سابقين عبر لينكد إن، فإن إغلاق الاستوديو جاء بمثابة صدمة، خاصة وأن اللعبة المستوحاة من المسلسل الكوري الشهير “لعبة الحبار” كانت قد وصفت بأنها “ناجحة” من قبل نتفليكس نفسها. هذا التناقض يثير العديد من التساؤلات حول المعايير التي تعتمدها الشركة لتقييم النجاح والاستدامة في قطاع الألعاب.
بعد ثلاث سنوات من الطموح
كانت عملية الاستحواذ على “بوس فايت إنترتينمنت” (Boss Fight Entertainment) تمثل جزءاً من رؤية نتفليكس (Netflix) لتكون لاعباً رئيسياً في سوق ألعاب الجوال (Mobile Gaming). فالاستوديو، بتاريخه وخبرته، كان يُنظر إليه على أنه إضافة قوية لمحفظة الألعاب الناشئة للمنصة، بهدف تقديم تجارب فريدة ومثيرة لمشتركيها، خصوصاً مع امتلاكها حقوق أسماء عالمية مثل “لعبة الحبار” (Squid Game).
تناقضات سوق الألعاب
هذا الإغلاق، بالرغم من التصريح السابق بنجاح “لعبة الحبار: أُنليشد” (Squid Game: Unleashed)، يسلط الضوء على الطبيعة المتقلبة والصعبة لسوق الألعاب، حتى بالنسبة للشركات العملاقة. فما قد يعتبر “نجاحاً” من حيث أعداد اللاعبين أو التنزيلات، قد لا يترجم بالضرورة إلى استدامة مالية أو توافق مع استراتيجيات الشركة طويلة الأمد، لا سيما في بيئة تنافسية شديدة مثل ألعاب الجوال.
من وجهة نظري، قد يكون القرار نابعاً من تقييم داخلي دقيق لأداء الاستوديو ككل، وليس فقط لعبة واحدة. ربما لم يحقق الاستوديو الأهداف الاستراتيجية الموضوعة له على المدى الطويل، أو أن التكاليف التشغيلية فاقت العوائد المتوقعة، أو ربما كانت هناك أولويات جديدة لدى نتفليكس تتطلب إعادة توزيع الموارد. هذا يوضح أن مجرد “النجاح” في عيون الجمهور لا يضمن البقاء دائماً في عالم الأعمال.
تداعيات الإغلاق
لا شك أن هذا الإغلاق سيكون له تأثير مباشر ومؤلم على موظفي “بوس فايت إنترتينمنت” (Boss Fight Entertainment) الذين يواجهون الآن مستقبلًا غامضًا. كما أنه يبعث برسالة قوية لمطوري الألعاب الآخرين الذين يفكرون في الشراكة مع عمالقة الترفيه، بأن الاستحواذ لا يضمن استقرارًا مطلقًا، وأن التغييرات الاستراتيجية يمكن أن تحدث بسرعة غير متوقعة.
بالنسبة لمستقبل نتفليكس (Netflix) في قطاع الألعاب، فإن هذه الخطوة قد لا تعني تراجعاً كلياً عن طموحاتها، بل ربما إعادة تقييم شاملة لنهجها. قد تتجه الشركة نحو استراتيجيات أكثر حذراً، أو تركز على أنواع معينة من الألعاب، أو حتى تعيد النظر في نموذج الاستحواذ على الاستوديوهات لصالح شراكات أقل التزاماً مالياً. الزمن وحده كفيل بإظهار المسار الذي ستسلكه المنصة في هذا المضمار.
هذه الحادثة هي تذكير بأن التوسع في مجالات جديدة، حتى بالنسبة للشركات ذات الموارد الضخمة مثل نتفليكس، ينطوي على مخاطر جمة. فصناعة ألعاب الجوال (Mobile Gaming) تتطلب فهماً عميقاً لديناميكياتها الخاصة، ومرونة في التعامل مع المتغيرات السريعة، بالإضافة إلى قدرة على تحويل الإقبال الجماهيري إلى نجاح تجاري مستدام.
في الختام، يُعد إغلاق استوديو “بوس فايت إنترتينمنت” بعد فترة قصيرة من إعلان نجاح إحدى ألعابه، دليلاً على أن عالم التكنولوجيا والأعمال لا يخلو من المفاجآت والقرارات الصعبة. إنه يطرح تساؤلات حول كيفية تعريف النجاح في المشهد الترفيهي المتغير، ويؤكد أن الطريق إلى الهيمنة في أكثر من قطاع يحتاج إلى أكثر من مجرد الاستحواذ، بل يتطلب رؤية واضحة ومستمرة وقدرة على التكيف في سوق لا يرحم.
كلمات مفتاحية مترجمة: نتفليكس (Netflix)، بوس فايت إنترتينمنت (Boss Fight Entertainment)، لعبة الحبار (Squid Game)، ألعاب الجوال (Mobile Gaming)، استحواذ (Acquisition)، إغلاق (Shutdown).
