في كل عام، تتجدد مأساة حرائق الغابات التي تلتهم مساحات شاسعة من طبيعتنا الخضراء، وتترك وراءها دماراً بيئياً واقتصادياً هائلاً. كندا، بامتلاكها لمساحات غابات شاسعة، غالباً ما تكون في قلب هذه الظاهرة المدمرة. ولكن وراء لهيب النيران، يشتعل أيضاً نقاش حاد حول الأسباب الحقيقية لهذه الكارثة المتفاقمة وكيفية التعامل معها.
عادةً ما يجمع أعضاء مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى (G7) على أن تغير المناخ هو المحرك الأساسي وراء تزايد شدة وتكرار حرائق الغابات حول العالم. الجفاف، ارتفاع درجات الحرارة، وتغير أنماط الطقس كلها عوامل تُعزى إلى التغيرات المناخية التي تجعل الغابات أكثر عرضة للاشتعال وأصعب في السيطرة عليها.
لكن هذه المرة، خرجت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن الإجماع، مقدّمةً رؤية مختلفة تماماً. فبدلاً من التركيز على تغير المناخ كمتهم رئيسي، وجهت واشنطن أصابع اللوم نحو “إدارة الغابات” في كندا، داعية إياها إلى “الانخراط بقوة أكبر في إدارة الغابات” كحل جوهري للسيطرة على هذه الحرائق المتصاعدة.
تركز المقاربة الأمريكية على التدابير العملية المباشرة، مثل “الحرائق المراقبة” (controlled burns) التي تُستخدم لإزالة المواد النباتية الجافة المتراكمة التي قد تغذي النيران الكبيرة. كما تشدد على أهمية تنظيف الغابات وإزالة الأخشاب الميتة وتنظيم كثافة الأشجار لتقليل مخاطر انتشار الحرائق بشكل لا يمكن السيطرة عليه.
من جانبها، ورغم إدراكها لأهمية الإدارة الجيدة للغابات، إلا أن كندا وبقية دول G7، لا تزال تؤكد على الدور المحوري لتغير المناخ كعامل أساسي يفاقم هذه الأزمة. فالتدابير المحلية لإدارة الغابات قد تخفف من حدة المشكلة، لكنها لا تعالج جذورها المرتبطة بالتحولات المناخية واسعة النطاق.
مقاربات متضاربة أم حلول متكاملة؟
هذا الخلاف، الذي وُصف بأنه “ودي”، يسلط الضوء على تباين في الأولويات والفلسفات البيئية بين الدول. فبينما يرى البعض في إدارة الغابات حلاً عملياً وفورياً يمكن التحكم فيه محلياً، يرى آخرون أن التركيز المفرط على هذه الجوانب قد يصرف الانتباه عن التحدي الأكبر والأكثر إلحاحاً، وهو التصدي لانبعاثات الكربون والاحتباس الحراري.
من وجهة نظري، فإن المشكلة ليست في اختيار أحد العاملين ورفض الآخر، بل تكمن في ضرورة تبني استراتيجية شاملة ومتكاملة. لا شك أن تغير المناخ يمثل تهديداً وجودياً يتطلب جهوداً دولية منسقة لخفض الانبعاثات، لكن في الوقت ذاته، لا يمكن إغفال أهمية الإدارة الفعالة للغابات في الحد من قابلية اشتعالها وتخفيف أضرار الحرائق عند وقوعها. إنهما وجهان لعملة واحدة لمواجهة كارثة بيئية متعددة الأوجه.
إن وصف هذا الخلاف بأنه “ودي” قد يكون محاولة لتبسيط ما هو في جوهره تباين عميق في الرؤى السياسية والعلمية. فلكل طرف حججه المنطقية، ولكن التحدي الحقيقي يكمن في إيجاد أرضية مشتركة للعمل، حيث يمكن أن تتكامل الحلول الطويلة الأجل لمواجهة المناخ مع التدابير الوقائية المحلية لتعزيز صمود غاباتنا.
في الختام، تبقى حرائق الغابات تذكيراً صارخاً بمدى هشاشة أنظمتنا البيئية وضرورة استجابة عالمية موحدة. سواء اتفقنا على المسببات الرئيسية أو اختلفنا، فإن الهدف الأسمى يجب أن يكون حماية كوكبنا وسكانه. هذا يتطلب أكثر من مجرد “نقاش ودي”؛ إنه يستلزم تعاوناً حقيقياً ومقاربات متعددة المستويات تعالج الأسباب الجذرية والمخاطر المباشرة على حد سواء.
كلمات مفتاحية مترجمة:
- Wildfires: حرائق الغابات
- Climate Change: تغير المناخ
- Forest Management: إدارة الغابات
- Controlled Burns: حرائق مراقبة/مضبوطة
- G7: مجموعة السبع
