في سباق محموم لتلبية احتياجات الإسكان المتزايدة، يبدو أن استراتيجية مقاطعة كولومبيا البريطانية قد أخذت منحى “العصا” دون “الجزرة”، تاركة البلديات المحلية في مواجهة تحديات جسيمة. هذا ما أشار إليه عمدة مدينة كوكويتلام، الذي أكد أن مدينته تتجاوز الأهداف الإقليمية للإسكان بنجاح، لكن الدعم الحكومي في مجالات حيوية مثل المدارس ووسائل النقل العام ورعاية الأطفال غائب بشكل لافت. فهل يكفي البناء لتوفير مجتمعات حقيقية ومستدامة؟
نجاح محلي وتحديات بنيوية
إن إنجازات مدن مثل كوكويتلام في تجاوز أهداف الإسكان الإقليمية تستحق الإشادة، فهي تعكس التزاماً وجهداً كبيراً من الحكومات المحلية لتوفير سقف لكل أسرة. هذا الجهد يشمل عمليات الموافقة السريعة على المشاريع وتخصيص الأراضي، وكلها خطوات ضرورية لزيادة المعروض من الوحدات السكنية. ولكن، في خضم هذا التركيز على الأرقام، يبدو أن الصورة الأوسع للتنمية المجتمعية قد غابت عن الأفق.
المشكلة تكمن في النظرة الضيقة للإسكان كصناديق طوب فقط. فمع كل مبنى سكني جديد يرتفع، يأتي معه عدد متزايد من السكان الجدد الذين يحتاجون إلى خدمات أساسية لا غنى عنها. أين ستذهب أطفالهم إلى المدرسة إذا كانت الفصول الدراسية ممتلئة بالفعل؟ كيف سيتنقلون إلى أعمالهم أو مراكز التسوق دون شبكة نقل عام فعالة؟ ومن سيعتني بصغارهم بينما يعمل آباؤهم، في ظل نقص دور رعاية الأطفال؟ هذه الأسئلة تظل معلقة، مهددة بتحويل الأحياء السكنية الجديدة إلى مجرد تجمعات سكانية تفتقر إلى مقومات الحياة الكريمة.
الحاجة إلى رؤية شاملة
إن الرأي الشخصي هنا يميل إلى أن الحكومة الإقليمية قد تبنت نهجاً مجزأً وغير متكامل. لا يمكن فصل بناء المنازل عن توفير البنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية التي تدعمها. عندما تطلب الحكومة من البلديات تسريع وتيرة البناء، يجب أن يقابل ذلك التزام مماثل بتوسيع الخدمات الأساسية. إن إلقاء العبء كاملاً على البلديات دون توفير الموارد الكافية يضعها في موقف حرج، حيث تجد نفسها مضطرة لإدارة النمو السكاني دون الأدوات اللازمة لضمان جودة حياة مناسبة لمواطنيها.
خلاصة القول، لا يمكن أن تنجح استراتيجية الإسكان على المدى الطويل إذا كانت تفتقر إلى رؤية شاملة للمجتمعات التي تسعى لإنشائها. يتطلب الأمر تنسيقاً أوثق وتعاوناً حقيقياً بين المستويات الحكومية المختلفة. فبدلاً من التركيز فقط على “العصا” لدفع البناء، يجب أن تقدم الحكومة “الجزرة” في شكل استثمارات مجدية في المدارس والنقل العام ورعاية الأطفال، لضمان أن المنازل الجديدة ليست مجرد أماكن للعيش، بل جزءاً لا يتجزأ من مجتمعات مزدهرة ومكتفية.
الكلمات المفتاحية: إسكان كولومبيا البريطانية، تنمية حضرية، بنية تحتية، سياسة حكومية، خدمات مجتمعية