لغز كهف ويلز غراي العملاق: أعماق مجهولة تنتظر الاحترام والاستكشاف

🔬 الاكتشافات والعلوم

في قلب متنزه ويلز غراي الإقليمي بكندا، يقع لغز طبيعي يثير فضول العلماء والمستكشفين على حد سواء. سبع سنوات مرت على اكتشاف كهف عملاق لم تطأه قدم إنسان بعد، يطلق عليه بشكل غير رسمي “حفرة سارلاك” لتشابهه بمخبأ شخصية شهيرة من حرب النجوم. هذا الكهف، الذي اكتشفته مروحية تابعة لوزارة البيئة عام 2018 أثناء مسح لقطعان الرنة، يعد واحداً من أضخم كهوف “الكارست المخطط” في البلاد، ويتميز بمدخل هائل يبلغ طوله 100 متر وعرضه 60 متراً، لكن ما بداخله يظل سراً تحيط به الأساطير والضباب.

بعد اكتشاف الكهف مباشرة، وتحديداً في خريف عام 2018، حاولت بعثة بحثية مكونة من ثلاثة أفراد بقيادة الجيولوجية كاثرين هيكسون، النزول إلى أعماقه. تمكن أحد أعضاء الفريق من الهبوط مسافة 80 متراً فقط لدراسة التكوينات الصخرية، لكن الارتفاع الكثيف للضباب المتصاعد من النهر الذي يصب في الكهف، بالإضافة إلى خطر المياه، جعلا النزول أبعد من ذلك محفوفاً بالمخاطر الجسيمة. منذ تلك المحاولة الوحيدة، لم يُسمح لأي شخص بالدخول إلى الكهف أو استكشافه، ليظل ذلك اللغز العميق عصياً على الفك.

لماذا يبقى الكهف محظوراً؟

فور اكتشاف الكهف، أغلقت هيئة حدائق كولومبيا البريطانية (BC Parks) منطقة الكهف ومستجمعات المياه المحيطة به أمام العامة. جاء هذا القرار الحاسم لأسباب متعددة، منها القيمة المحتملة للتراث الثقافي، ومصالح الأمم الأولى (السكان الأصليين)، وسلامة الجمهور. ويواجه أي شخص يضبط في المنطقة غرامة باهظة تصل إلى مليون دولار كندي والسجن بموجب قانون المتنزهات. تدير الكهف والمناطق المحيطة به حالياً قبيلتا سيمبكو (Simpcw) وتسككون (Ts’q’cun)، اللتان أكدتا امتلاكهما معرفة تقليدية عميقة بالكهف. وتعتبر هذه القبائل اسم “حفرة سارلاك” غير لائق ومسيء لتراثهم، مما يؤكد أهمية احترام البعد الثقافي في أي جهود استكشاف مستقبلية.

طموح الاستكشاف واحترام الثقافة

منذ عام 2021، تلقت هيئة حدائق كولومبيا البريطانية طلبات بحث لاستكشاف الكهف، وهناك خطط لرحلة استكشافية مشتركة بين القبائل الأصلية والحكومة في المستقبل القريب. يرى البعض، مثل المستكشف تشانس بريكنريدج، أن الكهف يحمل إمكانات أثرية هائلة وغموضاً يجذب المغامرين، مشيراً إلى أن المنطقة المحيطة وعرة وتتطلب أياماً من المشي للوصول إليها. في رأيي، يمثل هذا الكهف نقطة التقاء فريدة بين الفضول البشري لاستكشاف المجهول وأهمية الحفاظ على التراث الطبيعي والثقافي. فبينما يشتد الشوق للكشف عن أسرار هذا العالم الخفي، يجب أن يتم ذلك بمنتهى الاحترام للأرض وأصحابها الأصليين، لضمان سلامة الكهف وقيمته للأجيال القادمة.

يبقى كهف ويلز غراي العملاق شاهداً صامتاً على روعة الطبيعة وغموضها. قصته ليست مجرد اكتشاف جيولوجي، بل هي درس في التعايش بين طموح العلم وحكمة التقاليد القديمة. إن مستقبل هذا الكهف المجهول يتوقف على التعاون الوثيق بين السلطات والقبائل الأصلية، لضمان أن أي استكشاف مستقبلي يتم بطريقة مسؤولة ومستدامة ومحترمة. ففي النهاية، قد لا تكون أهمية الكهف في ما يخفيه من كنوز مادية، بل في ما يعلمنا إياه عن حدود معرفتنا واحترامنا للعالم الطبيعي والثقافات التي تحميه.

المصدر

أخبار عاجلة، أخبار محلية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *