تُعد سو باركر من الأساطير الحية في عالم التنس البريطاني، بصفتها بطلة سابقة في رولان غاروس ومقدمة برامج شهيرة لبطولة ويمبلدون لسنوات طويلة. خبرتها العميقة وشغفها باللعبة يجعلان من أي تصريح لها حول مستقبل التنس البريطاني حدثًا يستحق التوقف عنده والتأمل فيه، خاصة مع اقتراب موعد البطولة الأعرق، ويمبلدون.
في مقابلة حديثة، شاركت باركر رؤاها حول أبرز المواهب الشابة في التنس البريطاني، مع تسليط الضوء على الإمكانيات الكبيرة التي يحملها كل من جاك دريبر وإيما رادوكانو. تصريحاتها لم تقتصر على الثناء فحسب، بل حملت أيضًا رسالة حكيمة حول إدارة التوقعات والضغوط، وهو أمر بالغ الأهمية في عالم الرياضة الاحترافية.
جاك دريبر: نجم صاعد يلوح في الأفق
تحدثت باركر بحماس كبير عن جاك دريبر، مُشيرةً إلى أنه يمتلك القدرة الحقيقية على الفوز ببطولات الغراند سلام في المستقبل. هذه الثقة ليست مجرد مجاملة؛ بل هي شهادة من شخص قضى حياته في تقييم المواهب. دريبر، بأسلوبه الهجومي وقوته البدنية، يُظهر بالفعل لمحات من موهبة فريدة قد تضعه ضمن نخبة لاعبي التنس عالميًا.
من وجهة نظري، فإن تصريح باركر بأن دريبر “يمكنه الفوز ببطولات الغراند سلام” ولكنه “لا يحتاج إلى الفوز بويمبلدون هذا العام” هو بمثابة نصيحة ذهبية. إنه يضع الأمور في نصابها الصحيح؛ فالنضج في عالم التنس يتطلب وقتًا وتجربة، والضغط المبكر لتحقيق إنجازات فورية قد يكون مدمرًا. يجب أن يُمنح الوقت الكافي للتطور واكتساب الخبرة.
إن التركيز على التطور طويل الأمد بدلاً من النتائج الفورية يسمح للاعب مثل دريبر ببناء مسيرته بشكل مستدام، والتعلم من الهزائم، وصقل مهاراته دون الوقوع تحت وطأة التوقعات المبالغ فيها. هذا النهج يضمن أنه عندما يصل إلى ذروة مستواه، سيكون مستعدًا حقًا للمنافسة على أعلى الألقاب.
إيما رادوكانو: عبء التوقعات
بالانتقال إلى إيما رادوكانو، كانت رسالة باركر واضحة حول ضرورة تخفيف الضغط عنها. بعد فوزها المفاجئ ببطولة أمريكا المفتوحة عام 2021، أصبحت رادوكانو تحت مجهر الإعلام والجماهير، وتراكمت عليها توقعات هائلة تفوق عمرها وخبرتها في الملاعب. هذا الضغط، بالإضافة إلى الإصابات المتكررة، أثر بلا شك على أدائها ومسارها.
من المهم جدًا أن نتذكر أن مسيرة رادوكانو لا تزال في بدايتها. الفوز بلقب غراند سلام في سن مبكرة حدث استثنائي لا يتكرر كثيرًا، ولكنه لا يعني أن كل بطولة تالية يجب أن تكون على نفس المستوى. سو باركر، من خلال دعوتها لتقليل الضغط، تدعو إلى رؤية أكثر واقعية لمسار اللاعبة الشابة، والسماح لها بالتعافي والتطور بوتيرتها الخاصة.
أرى أن المعاملة الإعلامية والجماهيرية لرادوكانو كانت قاسية إلى حد ما. يتوجب على المجتمع الرياضي البريطاني أن يتعلم من هذه التجربة كيف يدعم مواهبه الشابة دون أن يخنقها بالضغوط. التركيز يجب أن ينصب على صحتها البدنية والنفسية، وتوفير البيئة المناسبة لها لتستعيد ثقتها وتعود للمنافسة بقوة عندما تكون جاهزة.
وفي خضم الحديث عن النجوم الصاعدة، لم تغفل باركر ذكرياتها الشخصية في ويمبلدون، مؤكدة على سحر هذه البطولة وتاريخها العريق الذي يلهب حماس اللاعبين والجماهير على حد سواء. إن هذا المزيج بين الإشادة بالماضي والتطلع إلى المستقبل هو ما يجعل التنس البريطاني متألقًا على الدوام.
في الختام، تُقدم تصريحات سو باركر درسًا قيمًا حول كيفية رعاية المواهب الرياضية. هي دعوة إلى التوازن بين الطموح والتوقعات الواقعية، وإلى دعم اللاعبين الشباب في مسيرتهم الطويلة والشاقة. إن مستقبل التنس البريطاني يبدو واعدًا مع وجود لاعبين مثل دريبر ورادوكانو، ولكن النجاح الحقيقي سيتحقق فقط إذا ما تمكنا من تهيئة البيئة المناسبة لازدهارهم بعيدًا عن الضغوط المفرطة.
