بين نيران غزة وآمال الدوحة: تصعيد مدمّر يلقي بظلاله على مسار الهدنة

🏛 السياسة

تتراوح آمال التوصل إلى هدنة إنسانية في قطاع غزة بين التفاؤل الحذر الذي تبثه محادثات الدوحة الجارية، والواقع المرير الذي يفرضه التصعيد العسكري المتواصل. ففي ظل أنباء عن قرب انطلاق جولة مفاوضات غير مباشرة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل في العاصمة القطرية، شهد القطاع المحاصر أحد أعنف فتراته على الإطلاق خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية، مخلفاً عشرات الشهداء ومئات الجرحى.

تصعيد قاسٍ يعصف بالقطاع

لقد تحولت غزة مجدداً إلى ساحة لمشاهد مؤلمة من الدمار والخراب، حيث لم تتوقف الغارات الجوية الإسرائيلية عن استهداف مناطق متفرقة، محولة المنازل والمباني إلى ركام. هذا التصعيد غير المسبوق في كثافته، أثار حالة من الذعر واليأس بين السكان المدنيين، الذين يواجهون ظروفاً إنسانية كارثية أصلاً، فباتت فرص النجاة والوصول إلى الرعاية الطبية ضئيلة للغاية في ظل هذا القصف المستمر.

مفاوضات الدوحة: أملٌ يواجه الواقع

وفي المقابل، تتجه الأنظار إلى الدوحة التي تستضيف جولة حاسمة من المحادثات الرامية لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. هذه المفاوضات، التي طال انتظارها، تحمل في طياتها بصيص أمل بوضع حد للمعاناة الإنسانية المتفاقمة، إلا أن تزامنها مع التصعيد العسكري الهائل يضع علامات استفهام كبرى حول مدى جدية الأطراف في التوصل إلى حل سلمي مستدام، أو ما إذا كان التصعيد يمثل ورقة ضغط قبيل بدء المفاوضات الفعلية.

من وجهة نظري، فإن هذا التناقض الصارخ بين الرغبة المعلنة في التهدئة على طاولة المفاوضات وواقع الدمار على الأرض، يعكس استراتيجية معقدة وخطيرة. قد يكون التصعيد العسكري محاولة إسرائيلية لتحسين شروط التفاوض أو لفرض وقائع جديدة قبل أي اتفاق، متجاهلة بذلك الأرواح البريئة التي تُزهق. وهذا النهج، إذا كان مقصوداً، فإنه يقوض أي فرص حقيقية للسلام، لأنه يبني الثقة على أنقاض الدمار ويغذّي دورة العنف بدلاً من كسرها. الكلفة البشرية هي الأعلى دائماً في هذه المعادلة.

في الختام، تبقى غزة تحت وابل من القصف، بينما تستمر الحوارات الدبلوماسية خلف الأبواب المغلقة في الدوحة. إن تحقيق الهدوء والسلام في القطاع لا يمكن أن يتم إلا من خلال وقف فوري وشامل لجميع أشكال العنف، والالتزام الجاد بمسار التفاوض الذي يضع حياة المدنيين أولاً. فليست الهدنة مجرد ورقة تفاوض، بل هي ضرورة إنسانية ملحّة لا تحتمل التأجيل، حتى لا تضيع كل الآمال تحت ركام البيوت وأشلاء الأبرياء.

المصدر

الكلمات المفتاحية: غزة, نتنياهو, خان يونس, إسرائيل, سياسة, دونالد ترامب, حماس, الدوحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *