في خضم التطورات التكنولوجية التي شهدتها حقبة السبعينات، برزت منطقة تاينينسايد البريطانية كمركز للابتكار في مجال النقل العام، وذلك من خلال مشروع نظام المترو الجديد. لكن ما يجعل هذه القصة فريدة من نوعها ليس فقط طموح المشروع، بل الطريقة غير التقليدية والمبتكرة التي اعتمدتها السلطات لاختبار النظام قبل إطلاقه الرسمي: إشراك المجتمع المحلي، وتحديداً أطفال المدارس.
مركز الاختبار المبتكر
شهد عام 1975 افتتاح مرفق اختبار مخصص للمترو، كان بمثابة ساحة تجارب حية لهذا النظام المستقبلي. لم يكن هذا المرفق مجرد مختبر مغلق للخبراء والمهندسين، بل تحول إلى نقطة جذب جماهيرية استقبلت أكثر من 11 ألف زائر على مدار خمس سنوات من عمره التشغيلي. تخيلوا ذلك: عشرات الآلاف من الأشخاص، بما فيهم أجيال المستقبل، يتجولون داخل عربات المترو ويختبرونها بأنفسهم قبل أن تصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتهم اليومية.
كان إشراك الأطفال في عملية الاختبار خطوة عبقرية بكل المقاييس. فعلى الرغم من أنهم لم يكونوا مهندسين أو خبراء نقل، إلا أنهم يمثلون شريحة حيوية من المستخدمين المحتملين. من خلال ملاحظة تفاعلهم، ومقدار راحتهم، وسهولة استخدامهم للمرافق، تمكن القائمون على المشروع من جمع بيانات قيمة حول تجربة المستخدم الحقيقية، والتي قد يغفل عنها الخبراء التقنيون. هذا النهج أظهر بعد نظر فريد في تصميم الخدمات العامة بما يراعي احتياجات الجمهور المتنوعة، ويؤكد على أهمية البساطة والسهولة في الاستخدام.
إن ما حدث في تاينينسايد في أواخر السبعينات لم يكن مجرد اختبار فني؛ بل كان تجربة اجتماعية رائدة. لقد أسهمت هذه المبادرة في بناء شعور بالملكية والارتباط بين سكان تاينينسايد ونظام المترو الخاص بهم حتى قبل تدشينه. عندما يرى الأطفال أنفسهم جزءًا من عملية بناء وتطوير شيء كبير يخدم مجتمعهم، فإن ذلك يغرس فيهم إحساسًا بالفخر والمسؤولية تجاه التكنولوجيا والبنية التحتية المحيطة بهم، وهو ما يضمن استدامة النجاح على المدى الطويل للمشروع.
تبقى هذه القصة شهادة على قوة الابتكار المجتمعي في تطوير البنية التحتية. إنها تذكير بأن أعظم المشاريع لا تُبنى بالهندسة وحدها، بل بالشراكة مع الناس الذين ستخدمهم. لقد أصبح مترو تاينينسايد اليوم شريان حياة للمنطقة، ويقف شاهداً على رؤية بعيدة المدى، حيث كانت ضحكات الأطفال وصيحاتهم في السبعينات هي الشرارة الأولى لنظام نقل فعال وراسخ، ليحفر بذلك فصلاً فريداً من تاريخ مدينة تاينينسايد.
الكلمات المفتاحية: تاريخ، مترو تاينينسايد، مشاريع نقل، أطفال السبعينات، بنية تحتية