في خضم صراعات عالمية تتزايد وتيرتها، يأتي تحذير جديد ليصدم الضمائر ويثير قلقاً عميقاً حول مصير الفئات الأكثر ضعفاً. فقد دقت الأمم المتحدة، عبر ممثلتها الخاصة المعنية بالعنف الجنسي في النزاعات، براميلا باتن، ناقوس الخطر بشأن التخفيضات الكبيرة في المساعدات الإنسانية. هذه التخفيضات لا تمثل مجرد أرقام في ميزانيات الدول، بل هي قرار يترك وراءه عواقب وخيمة، خاصة على ضحايا العنف الجنسي في مناطق النزاع، الذين يجدون أنفسهم اليوم بلا أي دعم حيوي أو ملاذ آمن.
تداعيات وخيمة
إن إغلاق العيادات والمراكز والملاجئ التي كانت تقدم شريان حياة لهؤلاء الضحايا، يعني حرمانهم من أبسط حقوقهم في العلاج والرعاية والدعم النفسي. هؤلاء الأفراد، الذين عانوا من صدمات نفسية وجسدية لا يمكن تصورها، يُتركون الآن لمواجهة مصيرهم بمفردهم في بيئات لا ترحم، حيث تفتقر إلى أدنى مقومات الأمان والمساعدة. إن المساعدات الإنسانية ليست مجرد رفاهية، بل هي ضرورة قصوى لإنقاذ الأرواح وإعادة تأهيل من مزقتهم ويلات الحروب.
دعوة للاستيقاظ
من المؤسف أن نرى المجتمع الدولي، أو جزءاً منه على الأقل، يتراجع عن التزاماته الأخلاقية والإنسانية في وقت تشتد فيه الحاجة. إن خفض المساعدات في سياق يرتفع فيه عدد ضحايا العنف الجنسي هو وصمة عار على جبين الإنسانية. هذا القرار يعكس إهمالاً صارخاً لأكثر الفئات ضعفاً، ويطرح تساؤلات جدية حول أولويات الدول المانحة. هل يمكننا حقاً أن ندّعي الحضارة بينما نغض الطرف عن معاناة من لا صوت لهم؟
إن تداعيات هذا النقص لا تتوقف عند حدود الضحايا الأفراد؛ بل تمتد لتؤثر على المجتمعات بأكملها، وتعمق جراح الصراع، وتعيق أي محاولات جادة لإعادة بناء السلام والاستقرار. عندما تُهمل الفئات الأكثر هشاشة، يصبح الشفاء المجتمعي ضرباً من المحال، وتتكرس دورة العنف التي قد تمتد لأجيال. يجب أن تكون مساعدة هؤلاء الضحايا أولوية قصوى، وليس بنداً يمكن حذفه بسهولة من الميزانيات.
في الختام، يمثل هذا التحذير من الأمم المتحدة جرس إنذار حاسماً لنا جميعاً. إنه تذكير بأن الإنسانية تتطلب عملاً جماعياً ومسؤولية مشتركة. يجب على قادة العالم والمنظمات الدولية والمجتمعات المدنية أن تضغط لإعادة تقييم هذه التخفيضات، وتوجيه الدعم اللازم لمن هم في أمس الحاجة إليه. فكل ضحية من ضحايا العنف الجنسي تستحق الأمل في التعافي والعيش بكرامة، وعلينا أن نكون الصوت الذي يطالب بذلك بلا كلل أو ملل.
أخبار, أخبار عالمية
