شهدت ولاية مونتانا الأمريكية موسم حرائق غابات يوصف بالهادئ نسبيًا هذا العام، وهو ما يُعد خبرًا سارًا لسكان الولاية وبيئتها الطبيعية. فبدلاً من المساحة المعتادة التي تلتهمها النيران سنويًا والتي تصل إلى حوالي 320 ألف فدان، لم تتجاوز الأراضي المحروقة هذا الموسم 75 ألف فدان فقط. هذا الانخفاض الكبير في المساحة المحترقة كان ليكون مدعاة للاحتفال لولا كشف النقاب عن مفارقة مقلقة للغاية: التكاليف الإجمالية لجهود مكافحة الحرائق قفزت لتبلغ ما يقرب من ثلاثة أضعاف المتوسط السنوي.
مفارقة التكلفة: أقل حريق، أعلى فاتورة
يثير هذا التباين الحاد تساؤلات جوهرية حول إدارة الموارد وتكاليف الاستجابة للكوارث الطبيعية. فبينما يعكس انخفاض المساحة المحترقة ربما فعالية أكبر في التدخلات الأولية أو ظروفًا مناخية مواتية أحيانًا، إلا أن الارتفاع غير المسبوق في التكاليف يشير إلى عوامل أخرى. قد يكون ذلك نتيجة لنشر أعداد أكبر من فرق الإطفاء والمعدات الثقيلة بشكل استباقي، أو ربما استخدام تقنيات أكثر كلفة، أو حتى تضخم عام في أسعار الخدمات والموارد المطلوبة لمثل هذه العمليات المعقدة. هذه الفاتورة الباهظة، التي تأتي في خضم اضطرابات فيدرالية، تضع عبئًا إضافيًا على الميزانيات وتثير نقاشًا حول كفاءة الإنفاق.
التحليل: ماذا وراء الأرقام؟
من وجهة نظري، فإن هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات؛ إنها تعكس تحديًا متناميًا في كيفية تعاملنا مع التهديدات البيئية المتغيرة. إذا كانت المواسم الهادئة تكلف هذا القدر الباهظ، فماذا عن المواسم الأكثر شدة التي لا مفر منها في ظل التغيرات المناخية؟ هذا الوضع يستدعي إعادة تقييم شاملة لاستراتيجيات مكافحة الحرائق، ليس فقط من منظور الاستجابة السريعة، بل أيضًا من منظور التخطيط طويل الأمد والوقاية. الاضطرابات الفيدرالية المذكورة قد تلعب دورًا في تعقيد عملية تخصيص التمويل والتنسيق، مما يجعل إدارة الأزمات البيئية أكثر صعوبة ويزيد من الضغط على الولايات للتعامل مع هذه التحديات بموارد محدودة.
يمكن القول إن مونتانا ربما “تجنبت رصاصة” هذا الموسم من حيث الدمار البيئي الواسع، لكنها دفعت ثمنًا باهظًا في المقابل. هذا السيناريو يقدم درسًا مهمًا: النجاح في احتواء الحرائق لا يعني بالضرورة نجاحًا في إدارة التكاليف. يجب أن يكون هناك توازن بين سرعة الاستجابة وفعاليتها من جهة، وبين كفاءة الإنفاق وترشيده من جهة أخرى. الاستثمار في تقنيات الوقاية المبتكرة والتخطيط للموارد بشكل أكثر ذكاءً قد يكون المفتاح لتجنب هذه المفارقات المالية في المستقبل، خاصة مع تزايد وتيرة وشدة الحرائق في مناطق أخرى حول العالم.
في الختام، بينما تقدم الأرقام المنخفضة للمساحات المحترقة في مونتانا بصيص أمل وتأكيدًا على فعالية بعض جهود المكافحة، فإن الزيادة الهائلة في التكاليف تظل ناقوس خطر. إنها تذكير بأن مواجهة تحديات مثل حرائق الغابات تتطلب أكثر من مجرد إطفاء النيران؛ إنها تتطلب استراتيجية متكاملة تعالج الأسباب الجذرية، وتحسن إدارة الموارد، وتضمن الاستدامة المالية. إن الدرس المستفاد هنا هو أن الحماية البيئية تأتي بتكلفة، ولكن يجب أن نسعى جاهدين لجعل هذه التكلفة معقولة ومستدامة على المدى الطويل، لضمان ألا تتحول المواسم الهادئة إلى كابوس مالي.
**الكلمات المفتاحية:**
قمع حرائق الغابات (wildfire suppression)
وزارة الزراعة الأمريكية (united states department of agriculture)
دائرة الغابات الأمريكية (united states forest service)
جميع مونتانا (allmt)
حرائق الغابات (wildfire)
