كشفت تقارير حديثة صادرة عن المدقق العام في مقاطعة ألبرتا الكندية عن تجاوزات مالية مقلقة، تلقي بظلالها على إدارة الأموال العامة وفعالية البرامج الحكومية. تتناول هذه التقارير قضيتين رئيسيتين: المدفوعات الزائدة في برامج دعم رعاية الأطفال، وصرف ملايين الدولارات لمستفيدين غير مؤهلين ضمن برامج الدعم التجاري خلال جائحة كورونا.
تُظهر النتائج أن الوعود بتقديم تخفيضات في تكاليف رعاية الأطفال لم يتم الوفاء بها بالكامل في جميع الحالات، حيث لم يتم تمرير مدخرات الدعم الحكومي إلى أولياء الأمور بالشكل المتوقع. هذا يطرح تساؤلات جدية حول شفافية إدارة هذه الأموال وكفاءة تطبيق السياسات التي تهدف إلى تخفيف العبء المالي عن كاهل الأسر العاملة.
تحدي الشفافية في دعم الرعاية
بالنسبة للآباء الذين يعتمدون على دعم رعاية الأطفال، فإن عدم حصولهم على التخفيضات المستحقة يمثل خيانة للثقة. فالأموال المخصصة لتحسين الوصول إلى رعاية الأطفال بأسعار معقولة لم تحقق هدفها بالكامل، مما يضع ضغطًا إضافيًا على ميزانيات الأسر في وقت هم أحوج ما يكونون فيه إلى الدعم.
على صعيد آخر، أشارت التقارير إلى أن برنامجًا لدعم الأعمال التجارية خلال الجائحة دفع مبلغ 150 مليون دولار كندي لمستفيدين غير مؤهلين. هذا الرقم الهائل يشير إلى ثغرات واسعة في آليات التحقق والتدقيق، سمحت بتسرب أموال دافعي الضرائب إلى جهات لم تكن تستحقها أو لا تستوفي الشروط المعلنة للبرنامج.
ملايين الدولارات خارج المسار الصحيح
يُعد صرف 150 مليون دولار لغير المؤهلين إهدارًا كبيرًا للموارد، خصوصًا في فترة كانت المقاطعة والمواطنون فيها يواجهون تحديات اقتصادية غير مسبوقة بسبب الوباء. كان من الممكن توجيه هذه الأموال لدعم الشركات والأفراد الأكثر احتياجًا بشكل فعال، أو حتى استخدامها في مجالات أخرى حيوية كالصحة والتعليم.
إن هذه النتائج تقوض الثقة العامة في قدرة الحكومة على إدارة أموال دافعي الضرائب بكفاءة ومسؤولية. فعندما تُكشف مثل هذه الأخطاء الجسيمة، يشعر المواطنون بأن تضحياتهم الضريبية لا تُقدر حق قدرها، وأن هناك نقصًا في الإشراف والرقابة على الإنفاق العام.
من وجهة نظري، يجب أن تكون هذه التقارير بمثابة دعوة للاستيقاظ للسلطات في ألبرتا. لا يكفي مجرد الكشف عن المخالفات، بل يجب أن تتبعها إجراءات حاسمة لضمان المساءلة، وتعزيز الضوابط المالية، وسد الثغرات التي أدت إلى هذا الهدر. الشفافية ليست خيارًا، بل ضرورة لبناء الثقة بين الحكومة والمواطنين.
نحو مستقبل من المساءلة والتحسين
الدروس المستفادة من هذه الأخطاء يجب أن توجه عملية مراجعة شاملة لجميع برامج الدعم الحكومي، مع التركيز على تصميم آليات تحقق قوية تضمن وصول الدعم إلى مستحقيه فقط. كما يجب تفعيل آليات استرداد الأموال التي دفعت بشكل غير مشروع، وفرض العقوبات المناسبة على المتورطين في أي إهمال أو سوء إدارة متعمد.
إن تداعيات هذه التجاوزات لا تقتصر على الجانب المالي فحسب، بل تمتد لتؤثر على الرضا العام وقناعة الجمهور بأن أموالهم تُدار بحكمة. في نهاية المطاف، الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لألبرتا يعتمد بشكل كبير على الثقة في مؤسساتها الحكومية وقدرتها على تقديم الخدمات بفعالية ونزاهة.
لذا، يجب على حكومة ألبرتا أن تتخذ خطوات فورية وشفافة لمعالجة هذه القضايا، ليس فقط لتصحيح الأخطاء الماضية ولكن أيضًا لإرساء معايير جديدة للمسؤولية المالية والشفافية. إن استعادة ثقة الجمهور هي الاستثمار الأهم لأي حكومة تسعى لخدمة شعبها بصدق وفعالية.
الكلمات المفتاحية: أخبار، سياسة