في خطوة تحمل في طياتها الكثير من النقاشات والتساؤلات، شهد مجلس الشيوخ الباكستاني مؤخراً تقديم مشروع قانون جديد، يحمل اسم “مشروع قانون الشبكات الاجتماعية لعام 2025”. يهدف هذا المشروع الطموح إلى تنظيم وصول القاصرين إلى منصات التواصل الاجتماعي، في محاولة لوضع حد للمخاطر المتزايدة التي يتعرض لها صغار السن في الفضاء الرقمي. وقد تم إحالة مشروع القانون بالفعل إلى اللجنة الدائمة المعنية للمراجعة وتقديم التوصيات، مما يفتح الباب واسعاً أمام نقاش مجتمعي موسع حول أبعاده وتأثيراته المحتملة على مستقبل الشباب في باكستان والعالم.
دوافع التشريع: حماية من عالم رقمي معقد
تأتي هذه المبادرة التشريعية في وقت تتزايد فيه المخاوف العالمية والمحلية بشأن التأثيرات السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي على الأجيال الناشئة. من التنمر الإلكتروني والتعرض لمحتوى غير لائق، إلى قضايا إدمان الشاشات وتأثيرها على الصحة النفسية والعقلية للأطفال والمراهقين، باتت الحاجة إلى إطار تنظيمي أكثر إلحاحاً. يسعى هذا القانون، بحسب غاياته المعلنة، إلى توفير درع حماية للأجيال الصاعدة من هذه التحديات الرقمية المعقدة، مؤكداً على مسؤولية الدولة في الحفاظ على سلامة مواطنيها الأصغر سناً.
بين الحظر والتمكين: تحديات التطبيق
على الرغم من النوايا النبيلة وراء مشروع القانون، إلا أنه يثير تساؤلات مهمة حول إمكانية تطبيقه وفعاليته في الواقع. فكيف يمكن فرض حظر كامل أو شبه كامل على استخدام القاصرين لمنصات التواصل الاجتماعي في عصر رقمي متسارع يتطور باستمرار؟ وهل سيؤدي ذلك إلى عزلهم عن فرص التعلم والتواصل واكتساب المهارات الرقمية التي توفرها هذه المنصات؟ من وجهة نظري، يضاف إلى ذلك الدور المحوري للوالدين في مراقبة استخدام أبنائهم للإنترنت وتوجيههم، وهو دور لا يمكن لأي تشريع أن يحل محله بالكامل، بل يجب أن يكون مكملاً له.
نحو مقاربة متوازنة: التعليم الرقمي أولاً
أعتقد أن الحل الأمثل لا يكمن فقط في الحظر الشامل، بل في إيجاد توازن دقيق بين الحماية وتمكين الشباب. يجب أن تركز الجهود بشكل أكبر على تعزيز الثقافة الرقمية لدى الأطفال والمراهقين، وتعليمهم كيفية التنقل بأمان في الفضاء الرقمي، والتمييز بين المحتوى المفيد والضار. كما يمكن أن تلعب منصات التواصل الاجتماعي نفسها دورًا أكبر في تطوير آليات تحقق العمر الفعالة وتوفير أدوات رقابة أبوية أكثر قوة وشفافية، بالإضافة إلى برامج توعية مستمرة موجهة للأسر والمدارس.
في الختام، إن مناقشة “مشروع قانون الشبكات الاجتماعية 2025” تعكس مخاوف مشروعة وضرورية بشأن سلامة أطفالنا في عالمنا المتصل. ومع ذلك، فإن أي تشريع في هذا المجال يجب أن يكون مدروسًا بعناية فائقة لضمان عدم إعاقة النمو الرقمي للشباب أو الحد من فرصهم في التعلم والتواصل الضرورية لمستقبلهم. يبقى التحدي الحقيقي في صياغة إطار قانوني يوفر الحماية اللازمة دون أن يحرم الأجيال القادمة من الاستفادة الكاملة من إيجابيات العصر الرقمي، مع التركيز على التعليم والتوعية كركيزتين أساسيتين لخلق جيل واعٍ ومسؤول رقميًا.
كلمات مفتاحية: وسائل التواصل الاجتماعي للقصر، حظر استخدام الإنترنت، تشريع باكستاني، حماية الأطفال، الأمن الرقمي.