بقلوب يملؤها الأسى، ودّعت الساحة الفنية العربية والعالمية في 26 يوليو، فنانًا بحجم أمة، مبدعًا تجاوز حدود المألوف، إنه الفنان اللبناني زياد الرحباني، نجل أيقونة الغناء العربي السيدة فيروز. لقد أعلن عن وفاته رسميًا، لتطوى بذلك صفحة مشرقة من صفحات الإبداع التي طالما أثرت وجدان الملايين. خبر رحيله ترك صدىً عميقًا في نفوس محبيه، الذين رأوا فيه قامة فنية فريدة، لم تكتفِ بوراثة اسم عظيم، بل بنت لنفسها مسارًا استثنائيًا ومتميزًا.
مسيرة فنية فريدة
اشتهر زياد الرحباني بكونه فنانًا شموليًا، لم يحد نفسه في قالب واحد، بل تنوعت إسهاماته بين التلحين، الكتابة المسرحية والدرامية، والعزف على البيانو، فكان عازفًا ومؤلفًا ومخرجًا وممثلًا. أعماله المسرحية، مثل “بالنسبة لبكرا شو” و”شي فاشل”، كانت بمثابة مرايا تعكس الواقع اللبناني والعربي بأسلوب ساخر وناقد لاذع، بينما أغانيه التي لحنها وغنتها والدته فيروز أو أداها بنفسه، حملت في طياتها نكهة موسيقية خاصة، مزجت بين الأصالة والمعاصرة، متحررة من القيود التقليدية. لقد كان صوته الفني متميزًا، يحمل بصمته الخاصة التي لا يمكن الخلط بينها وبين أي فنان آخر.
أرى أن رحيل زياد الرحباني لا يمثل مجرد خسارة لفنان، بل هو فقدان لصوت جريء، تجرأ على كسر القوالب النمطية في الفن والمجتمع. كانت أعماله دائمًا تحمل في طياتها بعدًا فكريًا واجتماعيًا عميقًا، قادرة على إثارة النقاش والتفكير، وهو ما يفتقر إليه الكثير من الأعمال الفنية المعاصرة. لقد كان فنانًا يتنفس الشارع وهمومه، يعبر عنها بلغة فنية راقية ومفهومة للجميع، وهذا ما جعله قريبًا من قلوب الناس ومحفورًا في ذاكرتهم الثقافية.
إرثٌ يتخطى الزمان
لقد شكل زياد الرحباني، بمزيجه الفريد من السخرية السياسية والاجتماعية، والموسيقى العميقة، واللغة الفصحى والعامية، تيارًا فنيًا خاصًا أثر في أجيال متعددة. أعماله، سواء كانت مسرحيات أو أغاني أو مقطوعات موسيقية، لم تكن مجرد ترفيه، بل كانت نصوصًا حية، تتطور وتتجدد مع مرور الزمن، وتحاكي قضايا الإنسان بأسلوب لا يمل. هو لم يعش في ظل فيروز فقط، بل أضاف لها أبعادًا جديدة، ووسع من آفاق تجربتها الفنية، ليشكلا معًا ثنائيًا لا يتكرر في تاريخ الفن العربي.
في الختام، يبقى زياد الرحباني علامة فارقة في المشهد الثقافي العربي، فنانًا سيخلده التاريخ ليس فقط لكونه ابن فيروز، بل لإبداعاته المستقلة التي شكلت وعيًا فنيًا واجتماعيًا لجيل كامل. ستبقى أعماله خالدة، تتناقلها الأجيال، شاهدة على عبقريته وتفرده، ورثاءً لروح مبدعة لم تتوانَ عن التعبير عن الحقيقة والجمال بأسلوبها الخاص. وداعًا زياد، وداعًا لصوت الحداثة الأصيلة.
الكلمات المفتاحية:
netflix: نتفليكس
disney: ديزني
dies: وفاة
works: أعمال
life: حياة
marked: مميزة
diverse: متنوعة
artistic: فنية
cinema: سينما
music: موسيقى
fayrouz’s: فيروز
ziad: زياد
movie: فيلم