إحياء ترامب لقانون تسجيل الأجانب: جدل الخصوصية والمعارك القانونية

فاجأت الإدارة الأمريكية تحت قيادة دونالد ترامب الكثيرين بإعادة تفعيل قانون منسي يعود إلى حقبة الحرب العالمية الثانية، يفرض على غير المواطنين التسجيل لدى الحكومة الأمريكية وحمل وثائق إثبات التسجيل. ما بدأ كبند غير معروف في أوائل الأربعينيات، تحول بسرعة إلى نقطة خلاف حادة، مثيرًا مخاوف عميقة بشأن الخصوصية والرقابة الحكومية الموسعة، ومعارك قانونية كبرى.

يعود هذا القانون إلى عام 1940، وتحديداً إلى قانون تسجيل الأجانب، والذي يلزم غير المواطنين الذين تزيد أعمارهم عن 14 عامًا بالتسجيل وتقديم بصمات أصابعهم وحمل وثيقة تعرف آنذاك بـ “وثيقة تسجيل الأجنبي”. على الرغم من أن متطلبات التسجيل والبصمات ظلت جزءًا من عملية الهجرة، إلا أن إلزامية حمل الوثائق والعقوبات المرتبطة بها تم التخلي عنها إلى حد كبير كمسألة سياسية وعملية في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات.

إعادة التفعيل والآثار المباشرة

في 20 يناير، أصدر الرئيس دونالد ترامب الأمر التنفيذي 14159، الذي وجه وزارة الأمن الداخلي بإنفاذ شرط تسجيل المهاجرين الذي كان خاملاً لفترة طويلة. هذا الأمر يعني أن جميع غير المواطنين تقريباً فوق سن 14 عاماً، بمن فيهم المهاجرون غير الشرعيين، باتوا مطالبين بالتسجيل خلال 30 يومًا من الوصول وتقديم بصمات الأصابع وحمل إثبات التسجيل دائمًا. أما من يرفض التسجيل فيواجه عواقب جنائية تصل إلى السجن ستة أشهر وغرامات تصل إلى 5000 دولار.

أثارت هذه الخطوة إنذارًا كبيراً بين دعاة الخصوصية، لا سيما مع الجمع المركزي للبيانات البيومترية والشخصية، بما في ذلك بصمات الأصابع والعناوين وتواريخ السفر. تتزايد المخاوف بشأن كيفية تخزين هذه البيانات بشكل آمن، والقيود المفروضة على نشرها عبر الوكالات الفيدرالية، وما إذا كان يمكن استخدام هذا النظام لتبرير مراقبة مجتمعات المهاجرين في المستقبل بما يتجاوز نطاقه الأصلي بكثير.

التحديات القانونية ومعركة الشفافية

تقدمت منظمة “أمريكان أوفيرسايت”، وهي مجموعة غير ربحية معنية بالمساءلة الحكومية، بدعوى قضائية بموجب قانون حرية المعلومات ضد وزارة الأمن الداخلي ووكالات أخرى، مطالبة بوثائق داخلية تتعلق بتصور السياسة وتنفيذها وآثارها المتوقعة، وما إذا كانت تستخدم لتسهيل عمليات الاحتجاز الجماعي. وصفت المديرة التنفيذية للمنظمة، شيما تشوكو، إحياء القانون بأنه “هجوم متعمد وخطير على حقوق المهاجرين غير الشرعيين والمواطنين الأمريكيين على حد سواء”.

وفي دعوى قضائية منفصلة، تحدت منظمات حقوق مدنية بارزة، بما في ذلك المجلس الأمريكي للهجرة واتحاد الحريات المدنية الأمريكي (ACLU)، القاعدة نفسها، محتجين بأن إدارة ترامب لم تلتزم بعملية الإشعار العام والتعليق المطلوبة قبل التنفيذ. وقال المدير التنفيذي للمجلس الأمريكي للهجرة، جيريمي روبينز، إن إدارة ترامب تحاول إنشاء “دولة أَرِنِي أوراقك” حيث قد تقوم سلطات إنفاذ القانون بمضايقة الأفراد بناءً على اللغة أو العرق أو الحي الذي يسكنون فيه.

الخلفية التاريخية والمخاطر المستقبلية

على الرغم من أن القاضي الفيدرالي تريفور ماكفادن، الذي عينه ترامب، رفض طلب الائتلافات للحصول على أمر قضائي أولي، مشيراً إلى أن المدعين يفتقرون إلى الصفة القانونية، إلا أن المقارنات المقلقة بعهود سابقة من مراقبة الدولة والاحتجاز، مثل تسجيل الأمريكيين اليابانيين الذين تم اعتقالهم لاحقاً بعد بيرل هاربور، لا تزال تتردد في الأذهان. يرى النقاد أن الأمر التنفيذي لترامب يكرر تلك السوابق المظلمة، مما يخلق سجلاً بحدود غير واضحة، واستهداف عنصري محتمل، وإنفاذ عقابي لعدم الامتثال.

إن إعادة إحياء هذا القانون القديم، في رأيي، يمثل منعطفًا خطيرًا في نهج التعامل مع الهجرة وحقوق الإنسان في الولايات المتحدة. إنه يخلق بيئة من الخوف وعدم اليقين للملايين، ويجبر الأفراد على الاختيار بين الكشف عن أنفسهم لخطر الترحيل أو مواجهة عقوبات جنائية. هذا التوجه لا يهدد فقط خصوصية الأفراد وحقوقهم الدستورية، بل يقوض أيضًا الثقة بين المجتمعات المهاجرة وسلطات إنفاذ القانون، مما يمكن أن يؤدي إلى عواقب اجتماعية وأمنية أوسع نطاقًا.

تستمر التحديات القانونية في فحص مدى دستورية إنفاذ قانون هجرة نادر الاستخدام يعود إلى أكثر من 70 عامًا. من المتوقع أن تُسأل المحاكم لتحديد ما إذا كانت هذه السياسة تتوافق مع المعايير الحديثة للإجراءات القانونية الواجبة، والحماية التي يضمنها التعديل الرابع للدستور، ومبادئ المساواة في الحماية بموجب القانون. هذه المعارك القانونية ستحدد بشكل كبير التوازن بين سلطة الحكومة وحقوق الأفراد.

في الختام، فإن إحياء قانون تسجيل الأجانب لا يمثل مجرد تغيير في سياسة الهجرة، بل هو اختبار حقيقي للمبادئ الديمقراطية الأمريكية وقيمها الأساسية. إنه يثير تساؤلات جوهرية حول سلطة الحكومة على حياة الأفراد، وحدود المراقبة، وحماية الحقوق المدنية في عصر يتسم بالتحديات المتزايدة. ستظل التداعيات بعيدة المدى لهذه الخطوة محور نقاش قانوني واجتماعي وسياسي لعقود قادمة.

المصدر

الكلمات المفتاحية:

  • الولايات المتحدة
  • أخبار القياسات الحيوية
  • أمن الحدود والموانئ
  • تحديد الهوية البيومترية
  • الهوية المدنية / الوطنية
  • أمن الحدود
  • جمع البيانات
  • وزارة الأمن الداخلي (DHS)
  • إدارة الهوية
  • الهجرة
  • الحكومة الأمريكية
  • القياسات الحيوية
  • تسجيل القياسات الحيوية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *