يطمح رئيس الوزراء مارك كارني إلى تحقيق قفزة نوعية في الإنفاق الدفاعي الكندي، رافعًا إياه إلى نسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول شهر أبريل القادم، وهو الهدف الذي حدده حلف شمال الأطلسي (الناتو). هذا الطموح، وإن بدا نبيلًا ويعكس التزامًا تجاه الحلفاء، يواجه عاصفة من التشكيك من قبل الخبراء والنقاد، الذين يصفون هذا المسعى بـ «المعركة الشاقة» و «شبه المستحيلة» التحقيق في هذا الإطار الزمني الضيق.
لطالما كانت كندا في ذيل قائمة الدول الأعضاء في الناتو من حيث الإنفاق الدفاعي، حيث يرى الحلف أن تحقيق نسبة الـ 2% أمر بالغ الأهمية لضمان تقاسم الأعباء وتعزيز القدرات الدفاعية الجماعية في عالم متقلب. هذا الهدف ليس وليد اللحظة، بل هو مطلب متكرر من قبل قيادة الناتو، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة.
لكن التحدي هنا يكمن في حجم الزيادة المطلوبة والوقت المتاح. لتحقيق هذا الهدف، سيتعين على كندا ضخ قرابة 9 مليارات دولار إضافية في ميزانية الدفاع قبل حلول أبريل. هذا المبلغ الضخم، إلى جانب الإطار الزمني القصير للغاية، يثير تساؤلات جدية حول الكيفية التي يمكن بها للحكومة الكندية أن تنفذ مثل هذه الزيادة الجذرية بكفاءة وفعالية.
التحديات اللوجستية والمالية
يؤكد المحللون أن مجرد تخصيص الأموال ليس كافيًا. فالإنفاق الدفاعي يتطلب عمليات شراء معقدة وطويلة الأمد للمعدات، وتوظيف وتدريب الأفراد، وتطوير البنية التحتية. هذه العمليات تستغرق عادة سنوات وليست أشهرًا قليلة، مما يجعل تحقيق الهدف في أبريل القادم أقرب إلى المستحيل من الناحية اللوجستية والبيروقراطية.
كما أن هناك عوائق إجرائية وبيروقراطية هائلة تعترض سبيل تحقيق هذا الإنفاق السريع. صفقات الأسلحة والمعدات العسكرية غالبًا ما تتطلب مناقصات دولية، وموافقات برلمانية، وعقودًا تفصيلية، وكلها تتطلب وقتًا طويلًا لإنجازها. فهل ستتمكن الحكومة من تجاوز هذه العوائق بسرعة قياسية دون المساس بالشفافية أو الفعالية؟
الآثار الاقتصادية والسياسية
من الناحية الاقتصادية، قد يؤدي هذا الاندفاع في الإنفاق إلى ضغط كبير على الميزانية العامة، وقد يتطلب إعادة توجيه أموال من قطاعات حيوية أخرى كالرعاية الصحية أو التعليم أو البنى التحتية، مما قد يثير استياءً شعبيًا. أما سياسيًا، فإن تحقيق هذا الهدف قد يعزز مكانة كندا داخل الناتو، لكنه قد يضع الحكومة في موقف حرج أمام الناخبين بشأن الأولويات المحلية.
في رأيي الشخصي، إن الهدف الطموح لمارك كارني، وإن كان يعكس رغبة في الوفاء بالالتزامات الدولية، يفتقر إلى الواقعية في جدوله الزمني. الزيادة في الإنفاق الدفاعي ضرورية لكندا لتحديث قواتها المسلحة والوفاء بالتزاماتها كعضو فاعل في الناتو، ولكن يجب أن تكون هذه الزيادة جزءًا من استراتيجية طويلة الأمد ومخطط لها بعناية، لا محاولة لتحقيق هدف في اللحظة الأخيرة.
ليس المهم فقط الوصول إلى الرقم المستهدف، بل الأهم هو كيفية إنفاق هذه الأموال. فالإنفاق المتسرع قد يؤدي إلى هدر الموارد أو الحصول على معدات لا تتناسب بالضرورة مع احتياجات القوات المسلحة الكندية الحقيقية. ينبغي أن يكون التركيز على تحقيق القدرة الدفاعية الفعلية، وليس مجرد الوصول إلى نسبة مئوية على الورق.
في الختام، بينما تدرك كندا أهمية دورها في الدفاع العالمي والتزاماتها تجاه حلفائها، فإن السباق نحو تحقيق هدف الإنفاق الدفاعي بنسبة 2% بحلول أبريل يبدو مهمة محفوفة بالمخاطر والتحديات الجسيمة. يتطلب الأمر أكثر من مجرد إرادة سياسية؛ فهو يحتاج إلى خطة عمل شاملة، واقعية، ومستدامة لضمان أن أي زيادة في الإنفاق تترجم إلى قدرات دفاعية حقيقية وفعالة تخدم مصالح كندا وأمنها.
الكلمات المفتاحية المترجمة:
- NATO: الناتو
- Defence spending: الإنفاق الدفاعي
- GDP: الناتج المحلي الإجمالي
- Prime Minister: رئيس الوزراء