فخ الاندماج: كيف تحبس فصول اللغة طلاب الهجرة في دائرة عدم المساواة؟

🌍 العالم

غالباً ما يُنظر إلى فصول الدعم اللغوي لطلاب الهجرة على أنها شريان حياة ضروري، وجسر يربطهم بالنظام التعليمي السائد ويسهل اندماجهم في المجتمع الجديد. الفكرة بسيطة ومحمودة: ساعد الوافدين الجدد على إتقان اللغة المحلية، وسيزدهرون أكاديمياً واجتماعياً. ولكن، ما إذا كان هذا “الجسر” يتحول في بعض الأحيان إلى سد؟ تشير أبحاث حديثة من كيبيك، كندا، إلى أن هذه الفصول قد لا تكون دائمًا الحل الأمثل، بل يمكنها أن تحبس الطلاب في حلقة مفرغة، مما يعمق الفجوات التعليمية ويديم عدم المساواة التي سعت لمعالجتها.

تحديات الاندماج: ما وراء النوايا الحسنة

المشكلة تكمن في أن بعض طلاب الهجرة قد لا ينتقلون أبداً من هذه الفصول اللغوية المتخصصة إلى الفصول الدراسية العادية. بدلاً من أن تكون نقطة عبور مؤقتة، تصبح هذه الفصول محطة دائمة. هذا يعني أن الطلاب قد يقضون سنوات في التركيز بشكل حصري على تعلم اللغة، بينما يتخلفون عن المناهج الأساسية في مواد مثل العلوم، الرياضيات، والتاريخ. يمكن أن يؤدي هذا التركيز الضيق إلى فجوات معرفية كبيرة، ناهيك عن العزلة الاجتماعية الناجمة عن الانفصال عن أقرانهم في الفصول الدراسية العادية، مما يعيق تكوين الصداقات والشعور بالانتماء.

الآثار بعيدة المدى على الطلاب والمجتمع

إن تداعيات هذا “الفخ” تتجاوز الأداء الأكاديمي للطالب. فعندما لا يتمكن الطلاب المهاجرون من الاندماج الكامل في النظام التعليمي، فإن فرصهم المستقبلية في الحصول على تعليم عالٍ ووظائف مجزية تتضاءل. هذا لا يؤثر فقط على حياتهم الفردية، بل يمتد ليؤثر على المجتمع ككل. فالمجتمع الذي يفشل في الاستفادة الكاملة من إمكانات جميع أفراده، بغض النظر عن خلفيتهم اللغوية أو الثقافية، هو مجتمع يخسر جزءاً كبيراً من ثروته البشرية وتنوعه الذي يمكن أن يكون مصدراً للابتكار والازدهار. من وجهة نظري، هذا الوضع يؤكد أن النوايا الطيبة وحدها لا تكفي لصياغة سياسات تعليمية عادلة وفعالة.

إعادة التفكير في الدعم اللغوي: جسر لا سد

لتحقيق الإنصاف التعليمي الحقيقي، يتطلب الأمر إعادة تقييم شاملة لكيفية تقديم الدعم اللغوي. يجب أن تتحول هذه البرامج من مجرد فصول لتعلم اللغة إلى أنظمة دعم متكاملة تركز على الاندماج الشامل. هذا يشمل وضع مسارات واضحة للتقدم، وإجراء تقييمات منتظمة لضمان انتقال الطلاب إلى الفصول العادية في الوقت المناسب، وتدريب المعلمين على استراتيجيات دمج اللغة مع المحتوى الأكاديمي. كما يجب تعزيز مفهوم التعددية اللغوية، حيث لا تُعد لغة الطالب الأم عائقاً بل ميزة يمكن البناء عليها وإثرائها، بدلاً من تجاهلها أو قمعها.

في الختام، يمثل البحث الكندي نقطة تحول مهمة في فهمنا لدور فصول الدعم اللغوي. إنها دعوة لإعادة النظر في الأنظمة الحالية لضمان أنها تخدم الغرض الذي أنشئت من أجله: تمكين طلاب الهجرة لا احتجازهم. يجب أن تكون هذه الفصول جسراً قوياً نحو الاندماج الكامل والنجاح، لا حاجزاً غير مرئي يديم عدم المساواة. فمستقبل هؤلاء الطلاب، وبالتالي مستقبل مجتمعاتنا، يعتمد على قدرتنا على بناء أنظمة تعليمية شاملة ومنصفة حقاً، تقدر التنوع وتفتح الأبواب أمام الجميع.

المصدر

تعليم اللاجئين، التعليم في كيبيك، تعلم اللغة، استمع إلى هذا المقال، التعددية اللغوية، الإنصاف التعليمي، التعليم الخاص

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *