في تصريح مثير للاهتمام، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن إسرائيل “ليس لديها خيار سوى استكمال المهمة” وهزيمة حماس في قطاع غزة. يعكس هذا التصريح رؤية حكومته للصراع المستمر، ويحدد مساراً يبدو غير قابل للتراجع عنه في نظر القيادة الإسرائيلية.
تأتي هذه التصريحات في سياق يزداد فيه الضغط الدولي والإقليمي لوقف إطلاق النار، لكن نتنياهو يصر على أن الحل الوحيد المستدام هو القضاء التام على قدرات حماس العسكرية والإدارية. يبدو أن هذا الموقف نابع من قناعة بأن أي حل وسط سيترك تهديداً قائماً لأمن إسرائيل.
“إنهاء المهمة”: تحديات وتداعيات
ربط نتنياهو إنهاء الحرب بشرط أساسي وهو “إذا ألقت حماس أسلحتها”. هذه العبارة، التي تبدو بسيطة في ظاهرها، تخفي وراءها تعقيدات جمة. فهل يمكن لحركة مثل حماس، التي تعتمد على وجودها المسلح، أن تتخلى عن سلاحها ببساطة؟ وهل هذا الشرط واقعي في ظل الديناميكيات الحالية للصراع؟
من وجهة نظري، يبدو هذا الشرط أشبه بالمطلب المستحيل في الظروف الراهنة. تدرك حماس أن نزع سلاحها يعني نهاية نفوذها السياسي والعسكري، وهو ما لا يبدو أنها مستعدة للقبول به دون ضمانات سياسية جوهرية لا تبدو إسرائيل مستعدة لتقديمها. هذا يخلق حلقة مفرغة من العنف، حيث يرفض كل طرف التنازل عن شروطه القصوى.
يمكن تفسير إصرار نتنياهو على “إتمام المهمة” على أنه محاولة لتأكيد السيطرة الإسرائيلية على الرواية، ولحشد الدعم الداخلي والخارجي لعملياتها العسكرية. فالخطاب الذي يركز على “القضاء على التهديد” غالباً ما يكون فعالاً في تبرير الأعمال العسكرية المستمرة، حتى لو كانت التكاليف الإنسانية باهظة.
التكلفة الإنسانية ومأزق المستقبل
لكن السؤال الأهم يبقى: ما هي التكلفة الحقيقية “لإتمام المهمة”؟ فالحرب في غزة لا تتسبب فقط في دمار واسع للبنية التحتية، بل في خسائر بشرية فادحة بين المدنيين، مما يثير غضباً دولياً متصاعداً. هذا الغضب يترجم إلى ضغوط دبلوماسية واقتصادية قد تؤثر على إسرائيل على المدى الطويل، حتى لو حققت أهدافها العسكرية المعلنة.
علاوة على ذلك، يثير مفهوم “هزيمة حماس” تساؤلات حول اليوم التالي للحرب. فهل يعني ذلك فراغاً في السلطة يمكن أن يؤدي إلى فوضى أكبر، أم أنه يمهد الطريق لنوع جديد من الإدارة في القطاع؟ يبدو أن الجانب السياسي لمرحلة ما بعد حماس لا يزال غامضاً، وهذا يضيف تعقيداً إلى استراتيجية “إنهاء المهمة”.
برأيي، التركيز على الحل العسكري البحت، دون مسار سياسي واضح ومحدد المعالم، قد يؤدي إلى انتصارات تكتيكية قصيرة الأمد، ولكنها لا تعالج جذور الصراع ولا تضمن الاستقرار على المدى الطويل. إن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي يتطلب رؤية أشمل تتجاوز مجرد هزيمة فصيل واحد.
يبدو أن استراتيجية “لا خيار” التي تتبناها إسرائيل تضعها أمام مفترق طرق. فبينما تسعى لتحقيق أهداف أمنية مشروعة، فإن الوسائل المستخدمة والتداعيات الإنسانية قد تدفع الثمن غالياً على الساحة الدولية. المستقبل في غزة يعتمد بشكل كبير على كيفية موازنة هذه الأطراف المتناقضة.
في الختام، إن تصريح نتنياهو يعكس إصراراً على مسار معين، لكنه يفتح الباب واسعاً للنقاش حول جدوى هذا المسار، وتكاليفه، وما إذا كان هناك بالفعل “لا خيار” آخر سوى استكمال الحرب حتى النهاية التي تراها إسرائيل، أم أن هناك مسارات دبلوماسية وسياسية لم تُستكشف بعد بشكل كافٍ لإنهاء دوامة العنف.
كلمات مفتاحية: نتنياهو, غزة, الحرب, حماس, إسرائيل
كلمات مفتاحية مترجمة:
Finish the Job: إتمام المهمة
Defeat Hamas: هزيمة حماس
No Choice: لا خيار
Gaza: غزة
Netanyahu: نتنياهو