في عالم تتسارع فيه الأحداث وتتوالى الأزمات الإنسانية، تبرز قصص تلهم الأمل وتؤكد على قيمة التضامن البشري. واحدة من هذه القصص تتكشف فصولها في قلب كندا، حيث تسعى مؤسسات أكاديمية وجمعيات خيرية لتوفير ملاذ آمن لمجموعة من الأكاديميات الأفغانيات اللواتي يواجهن مصيراً مجهولاً، وتحديداً خطر الترحيل من قطر.
هؤلاء النسوة، وهن 25 باحثة وأكاديمية أفغانية، كن قد غادرن وطنهن الأم بعد سيطرة طالبان، ووجدن ملجأ مؤقتاً في قطر. لكن قراراً حديثاً من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) بوقف التمويل ألقى بظلاله القاتمة على مستقبلهن، مما وضعهن في موقف حرج للغاية ومهد الطريق أمام ترحيلهن المحتمل إلى أفغانستان، حيث يواجهن قيوداً شديدة على حقهن في التعليم والعمل.
بارقة أمل كندية
في خضم هذه الأزمة، مدت جامعة ريجينا الكندية، بالتعاون مع منظمة غير ربحية مقرها فانكوفر، يد العون. لقد أطلقت هاتان الجهتان مبادرة إنسانية طموحة تهدف إلى جلب هؤلاء الأكاديميات إلى مقاطعة ساسكاتشوان الكندية، لتوفير بيئة تعليمية وأكاديمية آمنة لهن لمواصلة مسيرتهن العلمية والحياتية.
تتطلب هذه المبادرة جمع مبلغ 500 ألف دولار كندي لتغطية تكاليف السفر والإقامة والدراسة للأكاديميات الـ 25. وحتى الآن، تمكنت الجهود المشتركة من جمع 170 ألف دولار، وهو إنجاز مبدئي يعكس الإرادة الحقيقية لدعم هؤلاء النسوة، ولكنه في الوقت نفسه يؤكد على الحاجة الماسة لمزيد من الدعم لإغلاق فجوة التمويل الكبيرة.
أكثر من مجرد مساعدة أكاديمية
بالنسبة لي، لا تمثل هذه المبادرة مجرد فرصة أكاديمية لهؤلاء النساء، بل هي رسالة قوية تترجم مبادئ حقوق الإنسان إلى واقع ملموس. إنها اعتراف بقيمة العلم والمعرفة، وإيمان بأن التعليم هو حق أساسي يجب أن يُكفل للجميع، بغض النظر عن ظروفهم السياسية أو الجغرافية.
من وجهة نظري، تبرهن هذه الخطوة الشجاعة من جامعة ريجينا والمنظمة غير الربحية على أن المؤسسات التعليمية يمكن أن تكون في طليعة الجهود الإنسانية. إنها تعكس روح كندا في الترحيب باللاجئين وتقديم يد العون للمحتاجين، وهي قيم يجب أن يحتذى بها على الصعيد العالمي.
إن استقبال هؤلاء الأكاديميات في كندا سيمكنهن من استئناف حياتهن المهنية والأكاديمية، والمساهمة في المجتمع الكندي، وربما في يوم من الأيام، في إعادة بناء وطنهن. فالعلم هو السلاح الأقوى ضد الجهل والتطرف، وتمكين المرأة من التعليم هو حجر الزاوية لأي مجتمع مزدهر.
تحديات وفرص مستقبلية
رغم التقدم المحرز في جمع التبرعات، إلا أن الطريق لا يزال طويلاً. يتطلب الوصول إلى الهدف النهائي وهو 500 ألف دولار تضافر الجهود من الأفراد والمؤسسات والجهات الحكومية. إن كل دولار يتم التبرع به يمثل خطوة نحو إنقاذ مستقبل 25 امرأة، وربما مئات العائلات التي تعتمد عليهن.
هذه القصة ليست مجرد خبر عابر، بل هي دعوة للتفكير في دورنا كأفراد ومجتمعات في دعم من هم في أمس الحاجة للمساعدة. إنها تذكير بأن الأزمات العالمية تتطلب حلولاً عالمية، وأن التعليم هو استثمار لا يقدر بثمن في مستقبل الأفراد والمجتمعات على حد سواء.
في الختام، تجسد مبادرة جامعة ريجينا شعلة أمل لا تنطفئ، مؤكدة على أن الأكاديميات الأفغانيات لسن وحدهن في نضالهن من أجل الحرية والتعليم. إنها شهادة على أن العمل الجماعي والإيمان بقيم الإنسانية يمكن أن يحول اليأس إلى أمل، والخطر إلى فرصة، ويفتح أبواباً لمستقبل أكثر إشراقاً.
الكلمات المفتاحية المترجمة:
- ترحيل (Deportation)
- أكاديميات أفغانيات (Afghan Women Scholars)
- خفض تمويل (Funding Cuts)
- جامعة ريجينا (University of Regina)
- منظمة غير ربحية (Non-profit Organization)