المكسيك تحت المجهر: هل يعيد البنتاغون تعريف مهامه القتالية في ظل حرب الكارتلات؟

🇨🇦 أخبار كندا

تتجه الأنظار مرة أخرى نحو الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، ليس بسبب تدفق المهاجرين فحسب، بل بسبب ما يشير إليه تقرير حديث عن تحضيرات عسكرية أمريكية محتملة لعمليات في المكسيك. الخبر الذي يتداول يشير إلى أن فرق الكوماندوز التابعة للبنتاغون تستعد لشن هجمات في المكسيك، في خطوة وصفت بأنها “نعمة” لقيادة العمليات الخاصة التي تعاني من أزمة هوية.

تحول في استراتيجية الحرب على المخدرات

لطالما كانت حرب الولايات المتحدة على كارتلات المخدرات في المكسيك قضية معقدة، تتراوح بين التعاون الاستخباراتي والدعم اللوجستي. إلا أن الحديث عن عمليات هجومية مباشرة بواسطة قوات خاصة يمثل تصعيدًا كبيرًا ويشير إلى تحول محتمل في الاستراتيجية الأمريكية، خصوصاً مع دعوات الرئيس السابق دونالد ترامب لتصنيف الكارتلات كمنظمات إرهابية.

إن فكرة “أزمة الهوية” لدى قيادة العمليات الخاصة الأمريكية تستحق التأمل. فبعد عقود من الانخراط في “الحرب على الإرهاب” في مناطق مثل الشرق الأوسط وأفغانستان، ومع سحب القوات وتراجع تلك الصراعات، يبدو أن هناك بحثًا عن دور جديد يبرر وجود هذه القوات وقدراتها المتخصصة.

وهنا يأتي دور كارتلات المخدرات المكسيكية. فالمخاطر التي تشكلها هذه المنظمات الإجرامية على الأمن القومي الأمريكي، من تهريب المخدرات والبشر إلى العنف المتصاعد على الحدود، توفر “عدوًا” جديدًا يمكن لقوات النخبة الأمريكية أن تواجهه، وبالتالي تعيد تعريف مهمتها وتبرر ميزانياتها الضخمة.

مخاطر التدخل العسكري المباشر

لكن هذا التدخل المحتمل يثير تساؤلات عميقة حول السيادة المكسيكية. فالمكسيك دولة ذات سيادة، وأي عملية عسكرية أمريكية على أراضيها دون موافقة صريحة وكاملة ستكون انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، ومن شأنها أن تؤدي إلى توترات دبلوماسية خطيرة وإشعال مشاعر العداء.

علاوة على ذلك، فإن التاريخ يثبت أن التدخلات العسكرية الأجنبية في قضايا معقدة مثل حرب العصابات والجريمة المنظمة غالبًا ما تؤدي إلى نتائج عكسية. فبدلاً من حل المشكلة، قد تتسبب في تصعيد العنف، وظهور خلايا جديدة، وتفاقم الأوضاع الإنسانية، وتحويل السكان المحليين إلى ضحايا للصراع.

تحليل شخصي: بين الأمن وإعادة التموضع

من وجهة نظري، يجب النظر إلى هذا التطور بعين حذرة. فبينما يمكن فهم القلق الأمريكي المشروع بشأن انتشار الكارتلات وتأثيرها، فإن الحلول العسكرية المباشرة غالبًا ما تكون قصيرة النظر وتتجاهل الجذور الاجتماعية والاقتصادية للمشكلة. يبدو أن هناك دافعًا مزدوجًا: أمني ظاهري، وداخلي يتعلق بإعادة تموضع واستمرارية أدوار بعض الوحدات العسكرية الأمريكية بعد تغيير الأولويات الاستراتيجية.

كما أن استخدام مصطلح “نعمة” لوصف هذا الوضع يوحي بأن هناك مصلحة مؤسسية ضمن البنتاغون في تبني هذه المهمة الجديدة، بغض النظر عن تداعياتها الأوسع. هذا يثير تساؤلات حول شفافية صنع القرار وما إذا كانت المصالح الأمنية الفعلية هي المحرك الوحيد لهذه الخطط، أم أن هناك عوامل داخلية أخرى تلعب دورًا.

لذلك، بدلاً من التسرع في الحلول العسكرية التي قد تؤجج الأوضاع، يجب على الولايات المتحدة التركيز على استراتيجيات شاملة تعتمد على التعاون الوثيق مع الحكومة المكسيكية، وتعزيز قدرات إنفاذ القانون المحلية، ومكافحة غسيل الأموال، ومعالجة الطلب على المخدرات داخل الولايات المتحدة نفسها. فالحرب على المخدرات لا يمكن أن تُنتصر في ساحة المعركة وحدها.

في الختام، إن فكرة نشر قوات كوماندوز أمريكية في المكسيك، وإن كانت مدفوعة بمخاوف أمنية مشروعة، تمثل خطوة محفوفة بالمخاطر الجسيمة. يجب أن تكون الأولويات هي الحفاظ على السيادة، وتجنب التصعيد غير الضروري، والسعي لحلول مستدامة لا تعرض حياة المدنيين والمجتمعات للخطر، ولا تحول المكسيك إلى ساحة جديدة لصراعات قديمة متجددة.

المصدر

الكلمات المفتاحية المترجمة:

  • Special Ops Command: قيادة العمليات الخاصة
  • Identity Crisis: أزمة هوية
  • Cartels: الكارتلات
  • Pentagon: البنتاغون
  • Mexico Attacks: هجمات المكسيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *