في خطوة قد تعيد رسم بعض ملامح السفر الدولي، يستعد الاتحاد الأوروبي لتطبيق زيادة كبيرة على رسوم نظام معلومات وتصاريح السفر الأوروبي (ETIAS)، حيث سترتفع التكلفة من 7 يورو إلى 20 يورو للمسافرين المعفين من التأشيرة. هذا القرار، الذي يهدف بالأساس إلى تعزيز أمن الحدود، سيؤثر على ملايين الزوار من دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، والذين اعتادوا في السابق على دخول منطقة شنغن دون رسوم مسبقة.
يُعد نظام ETIAS بمثابة تصريح سفر إلكتروني إلزامي، شبيه بالنظام المطبق في الولايات المتحدة (ESTA)، مصمم لغربلة المسافرين قبل وصولهم إلى حدود الاتحاد الأوروبي. الهدف المعلن من هذا النظام هو تحديد أي مخاطر أمنية أو صحية محتملة، وبالتالي تعزيز الأمن الداخلي للدول الأعضاء وتقليل الهجرة غير الشرعية والمخاطر الإرهابية.
ما هو نظام ETIAS ولماذا الآن؟
الزيادة في الرسوم، التي تقترب من ثلاثة أضعاف المبلغ الأصلي، تأتي في إطار الاستعدادات لإطلاق ETIAS المقرر في أواخر عام 2026. على الرغم من أن مبلغ 7 يورو كان قد تم تحديده في البداية لتغطية التكاليف التشغيلية للنظام، إلا أن المبلغ الجديد يعكس على ما يبدو رؤية أوسع للاتحاد الأوروبي تشمل تمويل تعزيزات أمنية أكبر وتحمل تكاليف إدارية متزايدة.
المسافرون من أكثر من 60 دولة، بما في ذلك أستراليا، كندا، نيوزيلندا، اليابان، وغيرهم، سيصبحون ملزمين بالحصول على هذا التصريح مسبقاً قبل توجههم إلى أي من دول شنغن. هذا يعني أن كل رحلة ستكون مصحوبة بتكلفة إضافية، وهو ما يمثل تغييراً جوهرياً في تجربة السفر لهؤلاء الزوار.
تأثير الرسوم الجديدة: من يتأثر وكيف؟
من الجدير بالذكر أن الاتحاد الأوروبي قد أشار إلى خطط لتطبيق “فترة سماح” بعد الإطلاق الرسمي للنظام في أواخر عام 2026، بهدف تسهيل الانتقال وتوفير وقت للمسافرين والوكالات للتعود على الإجراءات الجديدة. هذه الفترة ستكون حاسمة لضمان تطبيق سلس وتجنب الارتباك على الحدود.
من وجهة نظري، قد لا يكون مبلغ الـ 20 يورو وحده رادعًا كبيرًا للمسافرين من الدول الغنية كـ الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة، فتكلفة السفر إلى أوروبا عادة ما تكون مرتفعة أصلاً. ومع ذلك، فإن هذه الرسوم، وإن كانت بسيطة للمسافر الواحد، قد تتراكم لتصبح مبلغًا لا يستهان به للعائلات الكبيرة، ما قد يدفع البعض لإعادة التفكير في وجهاتهم أو على الأقل أخذها في الاعتبار ضمن الميزانية الكلية للرحلة.
تحليل وتأمل: الأمن أم الإيرادات؟
التبرير الرسمي لزيادة الرسوم يركز بشكل كبير على تعزيز الأمن. ولا شك أن تعزيز أمن الحدود هو أمر حيوي في عالم اليوم، ومع ذلك، لا يمكن إغفال الجانب الاقتصادي. فالمبلغ الذي سيتم جمعه من ملايين المسافرين سنوياً سيشكل إيرادًا ضخمًا للاتحاد الأوروبي. يبقى السؤال هنا: هل هذه الزيادة مبررة بالكامل من الناحية الأمنية، أم أنها تشكل أيضًا مصدرًا إضافيًا لتمويل مبادرات أخرى للاتحاد؟
أعتقد أن هذا القرار يعكس توجهاً عالمياً نحو تشديد الرقابة على الحدود، مع ميل واضح لزيادة تكلفة هذه الإجراءات على المسافرين. قد يراها البعض كضريبة غير مباشرة على السياحة، بينما يراها آخرون كضرورة أمنية. الأهم هو الشفافية في كيفية إنفاق هذه الأموال والتأكد من أن الهدف الأساسي هو بالفعل تعزيز الأمن، وليس مجرد جمع الإيرادات.
على المسافرين، والشركات السياحية، وشركات الطيران، البدء في الاستعداد لهذا التغيير. يجب أن تكون هناك حملات توعية واضحة ومكثفة لضمان أن جميع المسافرين المحتملين على دراية بالمتطلبات الجديدة وتجنب أي مفاجآت غير سارة عند التخطيط لرحلاتهم أو عند الوصول إلى الحدود الأوروبية.
في الختام، يمثل قرار الاتحاد الأوروبي بزيادة رسوم ETIAS إلى 20 يورو نقطة تحول في تجربة السفر لملايين المسافرين. وبينما يتم تبريره بالضرورات الأمنية الملحة، فإنه يثير تساؤلات حول التوازن بين الأمن والوصول السهل إلى الوجهات السياحية. ستبقى كيفية تأثير هذا القرار على أنماط السفر وقطاع السياحة الأوروبي مرهونة بالعديد من العوامل، ولكن المؤكد هو أن التخطيط المسبق أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى.
الكلمات المفتاحية المترجمة:
- ETIAS: نظام معلومات وتصاريح السفر الأوروبي
- Visa-exempt travelers: المسافرون المعفون من التأشيرة
- Border security: أمن الحدود
- Grace period: فترة سماح
- Entry fee: رسوم الدخول